Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 47-48)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فأتياه } ادخلا عليه عطف على لا تخافا { فقولا } له { إِنَّا رسُولا ربِّك } أرسلنا الذى هو ربك وأنت عبده ، ولست برب ، بل هو الرب ، فاعرف كيف تجيبنا ، وليس هذا تغليظاً ، إذ لا يجوز النقص من ذلك ، لأنهما أرسلا إليه بقول ذلك وبقوله : { فأرسل معنا بنى إسرائيل } الخ ، فلا يجوز النقص والإلانة التى أمرا بها ، وهى أنهما لم ينهراه ، ولم يقولا له يا خبيث ونحو ذلك ، والأوجه المتقدمة فى الإلانة على تقدير صحتها ، قد يقولانها بعد هذا أو قبله ، لأن الفاء فى " فقولا " ولو كانت للترتيب ، لكن الترتيب فى كل شىء بحسبه تقول : تزوج فلان فولد له إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل ، أو هى لمطلق الجمع هنا ، ألا ترى أنه لا بدل أن يأمراه أولا بالتوحيد ، { هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى } [ النازعات : 18 - 19 ] لأنا نقول : ما فى هذه السورة هو الإرسال الأول أو أمراه به بعد هذا الكلام للتدريج ، فإن طلب إطلاق بنى إسرائيل أيسر عليه من تبديل الاعتقاد ، مع أن فى قولهما إنا رسولا ربك أمرا بتبديله . وأيضا تخليص المؤمنين من الكفرة أهم من دعوتهم الى الإيمان على أن بنى إسرائيل مؤمنون بموسى فى الباطن ، أو بغيره من الأنبياء قبل ، لكن لا دليل على شىء من ذلك ، فقد يؤمر بطلب إرسالهم ولو مشركين للرحم ، وأنهم أولاد الأنبياء ، ولعلم الله أنهم يؤمنون به ، وأنهم جنده ، ومعنى إرسالهم إطلاقهم عن الاستبعاد والأسر ، فإن شاءَوا ذهبوا مع موسى وهارون الى الشام ، وإن شاءوا قعدوا فى مصر ، فالإطلاق مفروض ، والمعية غير مفروضة ، وكأنه قيل : أطلقهم فى حضرتنا ، وذلك هو المقصود بالذات ، ألا ترى الى قوله : { ولا تُعذِّبهُم } فإنه ينبىء أن المراد ترك ما فيه إهانتهم ، كانوا عبيداً للقبط ، يستعملونهم فى نحو الحفر والبناء ، ونقل الأحجار من المشاق ، ويستخدمون نساءهم ، ويقتلون أبناءهُم على ما دون علم ، وأقول الأظهر أنه طلب إرسالهم جميعا الى الشام ، وفرع طلب الإرسال على { إنا رسولا ربك } بالفاء السببية للتأكيد . { قَدْ جئْنٰك بآيةٍ من ربِّك } تقرير لدعوى الرسالة ، وتعليل لوجوب الإرسال ، لأنه من الله ، وقالا من ربك لا منه ، لتأكيد التقرير والتعليل ، ونفى الربوبية عنه ، وأكد بقد ، وأفرد الآية ، ولو تعددت آياته ، لأن المراد بها الأولى التى يبدؤه بها ، أو لما ترادفت آياته كلها على معنى واحد ، وهو التوحيد ، عدت واحدة كأنه قيل قد جئناك بما يثبت دعوانا ، وقيل : اليد ، وقيل العصا المتلوة . { والسَّلام } السلامة من عذاب الدنيا والآخرة { عَلى من اتَّبع الهُدَى } بتصديق آيات الله ، أى لمن اتبع الهدى ، كما عكس فى قوله تعالى : { ولهم اللعنة } [ غافر : 52 ] باللام بدل على ، ولا بد من حكمة فى ذلك كالغمرة للسلام ، والاستحقاق للعنة ، وفى ذكر على هنا مشاكلة لقوله تعالى : { إِنَّا قَد أُوحى إليْنا أن العَذَاب } دنيا وأخرى { عَلى مَن كذَّب } بآيات الله { وتولَّى } أعرض عن قبولها ، وقد يقال : السلام سلام الملائكة خزنة الجلة على المهتدين ، وفيه تعريض بتوبيخ خزنة النار ، ووعيد المكذبين للآيات بالنار ، وهو قول لا دليل له من الآية ، فإن أراد قائله الترغيب والترهيب لفرعون بذلك ، فقد حصلا له بذكر السملاة من السوء والعذاب ، إن آمن ، والعذاب إن لم يؤمن ، وقد يقال : هذا السلام سلام موادعة ، وذهاب ، مع أنه أيضا ترغيب وترهيب على العموم ، ولو قال : السلام عليك لخصه ، والمشرك لا يقصد بالسلام ، بل يقال عن خطابه : { والسلام على من اتبع الهدى } كما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم " سلام على من اتبع الهدى " ولا يتكل على الموادعة قوله بعدها : { إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى } لقلته مع المناسبة للمقام ، وذلك كله مما أمراً أن يقولاه ، إذ قال : { فقولا } وقيل تم فى قوله : { من ربك } ولا حصر فى الآية للعذاب فى المشركين ، إذ لم يقل لا عذاب إلا على المشركين أو نحو هذا ، فلا دليل فى الآية للمرجئة القائلين ، إن الموحد الفاسق لا يدخل النار .