Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 7-7)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإِنْ تجْهَر بالقَوْل } الخ فهو محيط بذلك ملكاً وعلماً . والخطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أو اللفظ له ، والمراد هو وأمته ، أو للإنسان ، والمتبادر أنه صلى الله عليه وسلم المراد لموافقة قوله تعالى : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } [ طه : 2 ] . { فإِنَّه يعْلَم السِّرَّ } مالم ترفع به صوتك ، أو ما تكلمت به ، بتحريك لسانك دون أن تسمع منكر تعظيماً أى وشيئاً أخفى من ذلك ، وهو ما فى قلبك دون تحريك لسانك ، وزاد سعيد بن جبير على ذلك ما سيكون فى قلبك ، ولا تنطق به ، وقيل السر ما أخفيته فى نفسك ، والأخفى ما يحدث ببالك ونسيته ، وعن ابن عباس : السر ما تسر فى نفسك ، وأخفى ما يحدث بعد فيها ، وعنه السر ما فى نفسك ، والأخفى ما ستفعله ، وقيل : السر ما أسره الى غيره ، وأخفى ما فى نفسه ، وقيل : السر ما يفعل فى خفاء عن الناس : والأخفى الوسوسة ، وذلك كله فى الطاعة والمعصية والمباح . وقيل ذلك ترغيب فى الطاعة ، وزجر عن المعصية ، ظاهرة أو باطنة ، وعن زيد بن أسلم أخفى فعل ماض معطوف على يعلم بمعنى أنه يعلم الخلق وما عند الخلق ، وأخفى عن الخلق ، ما عنده كقوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً } [ طه : 110 ] وهو معنى صحيح بعيد عن لفظ الآية ، والقول مطلق الكلام ، فدخل ذكر الله عز وجل ودعاءه بالأولى وبالذات : لأنه صلى الله عليه وسلم يجهد بالدعاء ، وبتبليغ القرآن ، حتى إن بعضاً خص القول بذكره صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ، ودعاءه إياه على أن أل للعهد ، والله يعلم السر وأخفى ، جهر الناطق أو أسر . ولا يتوقف علمه على الجهر ، فالجواب محذوف وقوله : { فإنه يعلم السر وأخفى } تعليل ، والتقدير وإن تجهر بالقول فاعلم أن الله يعلم السر وأخفى ، فكيف لا يعلم الجهر ؟ والثلاثة عنده سواء ، أو إن تجهر فاعلم أن الله غنى عن جهرك ، لأنه يعلم السر وأخفى ، وخص الجهر بالذكر لأنه الأكثر فى الناس ، وللإرشاد الى أن الجهر بالذكر أفضل لأن فيه تصوير النفس بالذكر والسماع من نفسه ، كأنه يسمع من غيره أيضاً ، وتثبيته فيها ، ومنعها عن الاشتغال بغيره ، وقطع الوسوسة ، وتنبيه الغافل ، وإشهار التوحيد ، والشرع والتعليم ، وذلك بالإخلاص وانتقاء المحذور . وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شىء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " وحمل على التعليم ، وإذا لم يكن مقام داع للجهر أو لم يقصد ذلك المقام فلا جهر وهو قوله تعالى : { واذكر ربك فى نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر } [ الأعراف : 205 ] . وجاء الحديث : أن دعاء السر يعدل سبعين من الجهر ، ويجهر حيث ورد الجهر ، كتكبير العيدين والتلبية ، ويسر حيث يسمع القرآن لأنه لا حسن أن يعلو صوت على القرآن ، ولا أن يشغل عنه ، وجاء أكثر من عشرين حديثاً فى جهره صلى الله عليه وسلم بالذكر ، مع أن قوله عز وجل : " ودون الجهر ، نقول معناه : ودون الجهر المفرط ، وقد قيل الإخفاء فى مكة ، وحين هاجر أمر بالجهر ، لدليل أنه يجهر ، وقيل السر له صلى الله عليه وسلم ، والجهر لغيره دفعاً للوساويس .