Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 22-23)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لو كان فيهما } فى الفريقين السماوات والأرض { آلهةٌ إلاَّ الله لَفَسَدتا } إلا ومدخولها بمنزلة اسم نعت به آلهة ، ووقع الإعراب على اللفظ الذى هو اسم ، ولو جىء بغير لرفع وجر ما بعده ، وقيل : إن إلا اسم نعت لآلهة جعل إعرابه فى الاسم بعده ، لأنها بصورة الحرف كما جعل إعراب أل الموصولة فى الاسم بعدها وفيه أن كون إلا اسماً يقتضى جر ما بعدها ، لأنها بمعنى غير ، وكونها والاسم بعدها اسماً واحداً لم يتمحض للمعنى إذا لم يتغلب فيه معنى إلا ، ولا معنى لفظ الجلالة كآكل موز بعسل لم يتحصل على طعم موز ولا عسل ، فيجاب بأن معنى إلا النفى كأنه قيل : لو كان فيهما آلهة وحدها لا الله وحده لفسدتا ، وذلك لأنهم يدعونها آلهة مستقلة . ومعنى كونها فيهما الكون بالتصرف والتدبير ، لا مجرد الوجود فيهما . والمراد فسادهما بالتهدم والسقوط ، وعدم بقائهما حيث هما ، لأنهما فى محلهما بلا علاقة ولا عماد وفساد ، ما فيهما كذلك بتقطع أجزائه ، وبالاختلاف لو كان إلهان لزم فعلهما فعلا واحداً ، والفعل لا يصدر من اثنين ، وإن اختلفا فعلا وتركا ، فالفاعل وتركا ، فالفاعل هو الإله ، وإن عجزا فلا واحد منهما إله ، وإن اصطلحا فعجز فلا إله منهما ، والإله قادر على كل شىء ، فإن أراد تحريك زيد فحركاه معاً لزم وقوع فعل من اثنين وإن أرداه أحدهما ، والآخر تسكينه فالواقع ما أراد هو الفاعل ، ولا يتصور وقوع التحريك والتسكين معاً ، لأنه تناقض وتضاد ، ثم استواءهما فى القدرة يوجب أن ألوهية أحدهما دون الآخر تحكم . { فسبحان الله ربِّ العَرْش عمَّا يَصفُون } نزهوا الله عما لا يليق به أكمل تنزيه من وجود إليه غيره ، أو تعجبوا أيها العقلاء ممن يعبد لأشياء التى هى خسيسة عاجزة لا تضر ولا تنفع ، مع وجود الملك القادر النافع الضار ، وأعاد لفظ الجلالة لإدخال المهابة والروع والإشعار بأن الألوهيه مناط لجميع صفات الكمان النافيه للشركة ، وأكد ذلك بوصف الربوبية والإضافة للعرش ، وكأنه قل : إذا كان الله ناهياً عن الشركة لاستقلاله بالتصرف والتدبير ، فلم خلق من يعصيه باتخاذ إله غيره ، وإذا خلقه علم لم تصرفه عن العصيان ؟ فأجاب قوله : { لا يُسْأل عمَّا يفْعَل } سؤال اعتراض ، لأنه الحكيم التام الحكمة ، لا يقدر أحد على إدراك تفاصيلها ، ومن أبى إلا الاعتراض عنادا ، فيخلق مثل ما خلق { وهُمْ } أى العباد المكلفون { يُسألون } عما يفعلون ، ويعترض عليهم بما فعلوه باختيارهم مما يثاب عليه . أو يعاقب لأنه ولو كان بخلقه منهم ، لأن لهم اختيار ولو كان هذا الاختيار ايضاً خلقً منه ، وهو مما لا يسأل عنه مع أن الفاعل يجد من نفسه قدرة على الفعل والترك ، وذلك كله بعلمه وإرادته ، ولا أول لهما ، وهما من صفاته وصفاته هو ، وليس كما قيل : إن الخلق مسبوق بالإرادة والإرادة مسبوقة بالعلم ، إلا إن أريد بالإرادة المسبوقة مقاربة الفعل ، وأسبابه من الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : " من وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه " . والسؤال فى الموضعين على العموم ، وقال الزجاج هما يوم القيامة لظهور الوعيد فيه ، وهو مناسب والعموم أولى إذ لا دليل على التقييد ، وأفعال الله لا تعلل بالأغراض وإلا كان الله محتاجاً الى ذلك الغرض مستكملاً به ، وما يوهم العلل ، فبالنظر الى الخلق أو العاقبة ، والله المستعان ، وزعمت المعتزلة والماتردية والحنابلة أنها تعلل بها .