Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 82-82)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومن الشَّياطين } عطف على مع ( من ) عطف على الجبال بحد ما مر أو ذلك مبتدأ وخبر ، والأول أولى لزيادة انسحاب التسخير فيه { مَنْ يغوصون له } يدخلون تحت ماء البحر لأجله ، يستخرجون منه النفائس ، والواو بمعنى من ، والجملة نعت لمن لا صلة لها ، إذ لها عهد للغوص لنا قبل نزول الآية ، وإن كان فذهنى وهو خلاف الأصل ، ويروى أنه رأى بحرا عميقا جدا فأمر الشياطين بالغوص فيه ، فاخرجوا مِنه قبة بيضاء ، فقال : يا رب أريد أن أعلم ما فيها ففتحها الله تعالى له ، فإذا فيها رجل جميل بلباس جيمل ، فقال له : أبشر أنت أم جنى ؟ قال : بشر ، قال : ما حالك ؟ قال : كنت أطيع أمى وأحملها على ظهرى وبين يدى ، ودعت لى أن يجعل الله تعالى موضعاً أعبد فيه ليس سماء ولا أرضا ، وماتت وأتيت ساحل البحر ، ورأيت هذه القبة ، وأعجبتنى فدخلتها ، فانتقلت بى ولا أدرى أفى البحر أنا أم فى البر أم فى السماء ، فقال : بم تعرف الليل والنهار ؟ قال : تضاء عند الفجر ويزال الضوء عند الغروب ، قال : ما تأكل وما تشرب ؟ قال : طعام وشراب كلاهما أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، قال : ادع الله أن يردنى حيث كنت فغلقت عليه ، فعاد . { ويعلمونَ عَملاً } كثيراً { دُون ذلكَ } كبناء القصور ، والمدن ، وابتداع الصنائع الغريبة كالحمام والنورة والطاحون والقوارير ، كما قال الله عز وجل : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } [ سبأ : 13 ] الآية ، وقيل الصابون من ذلك ، واختير أنه من صناعة هرمس وأندوخيا ، وقيل من بقراط وجالينوس ، وقيل أول من صنعه الفارابى فى دمشق ، والجن أجسام لطيفة عاقلة نارية ، ومع لطفها تعمل الأعمال الشاقة ، كالريح تقلع وتهدم مع لطفها ، والشياطين الذين يستخدمهم كفار فحل استخدامهم قهراً كالجزية ، والمتبادر من لفظ الشيطان الكفر ، ويناسب ذلك قوله تعالى : { وكُنَّا لهم حافظين } بتوكيل جماعات من الملائكة ، ومن مؤمنى الجن عليهم عن أن يخبلوا الناس ، أو يقتلوهم ، وعن أن يفسدوا ليلا ما عملوه بالنهار ، وعن أن يزيغوا عن أمره ، استعمل الله له ما لطيف وهو الريح والشياطين ، ولداود الأشياء الكثيفة الغليظة ، وليس كما قال الجبائى : إن الله عز وجل كثف أجسام الجن لسليمان لتعمل الأمور الشاقة ، ولما مات ردها الى لطفها لئلا يلبس بهم على الناس من يتنبأ .