Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 63-66)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بل قلوبهم فى غمرةٍ من هذا } إضراب لانتقال الكلام ورجوعه الى الكفرة بأنهم فى جهالة من هذا الذى ذكرنا من أن أعمالهم مكتوبة عندنا ليعاقبوا عليها ، أو من هذا القرآن ، وقيل الاشارة الى ما عليه أولئك السابقون ، وقيل إلى الدين وقيل الى النبى صلى الله عليه وسلم والأول أولى { ولهم أعمال } سيئة كثيرة { من دون ذلك } غير ذلك المذكور من كون قلوبهم فى غفلة وصفها بقوله : { هم لها عاملونَ } وهى أنواع كفرهم ومعاصيهم ، ومنه الطعن فى القرآن كذا قيل ، وفيه أنه لا يتبادر أن الغمرة عمل أو دون بمعنى تحت ذلك ، وهى المعاصى التى ليست بإشراك ، وهذا اولى ، ويبعد ما قيل : إن الآية فى المؤمنين المذكورين تحيروا ، هل تقبل أعمالهم ؟ وهل أدوا الفرائض ولهم أعمال طاعة أخرى نفل ؟ ويرده قوله : { حتَّى إذا أخَذنا متْرفيهم بالعَذاب } فإن المعنى أنهم لا يزالون على تلك الأعمال ، حتى ينزل عذابهم ، وذلك فى الكفار ، ومعنى عاملون مستمرون على حملها ، ولام لها لتقوية اسم الفاعل ، وقدم لها للفاصلة ، وبطريق الاهتمام بذكر قبائحهم ، وحتى حرف ابتداء لا تخلو من غاية ، وهى تدخل على الجمل كما دخلت هنا على جملة أداة الشرط ، وما بعد من شرط ، وجواب مقرون بإذا الفجاءة وهما قوله : { إذا هم يجْئَرون } والمترفون المنعمون ، والجار الصراخ جزعا ، والعذاب قتلهم فى بدر ، وأسرهم ، صرخوا عند القتل وعند الأسر ، أو ذلك فى المجموع المترفون ، قتلوا والباقون جأروا على قتلى بدر شهراً فى مكة وجزت نساءهم شعورهن ، ويأتين بفرس القتيل أو راحلته ، ويسترنها بالستور ، وينحن حولها ، ويخرجن بها الى الأزقة ، ثم تركوا خوف الشماتة او العذاب الجوع ، فإذا جاع المترف فغيره أولى بالجوع ، قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنيناً كسنين يوسف " فأجاب الله دعاءه ، حتى أكلوا الجلود والجيف ، والعظام والدم ، والشعر المختلطين ، وذلك قبل الهجرة على الصحيح ، وقيل بعدها ، وجمع بأنه وقع مرتين . وروى أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم ، فدعا فزال بعد سبع سنين ، وقيل المراد عذاب الآخرة ، ورجح بأنه الذى يتضرعون فيه الى الله عز وجل ، فلا يقبل ، ولعل هذا أصح لقوله تعالى : { لا تجْئروا اليَوْم } الى قوله : { تهجرون } [ المؤمنون : 67 ] فإن هذا مقول لهم فى الآخرة ، وأما يوم بدر فلم يتضرعوا ، وأما الجوع فلم يجبهم صلى الله عليه وسلم بالرد فيه ، وهذا على أن الجؤار صياح بتضرع لا مطلق صياح ، وذكر اليوم مبالغة فى أن جآرهم لا ينفعهم ، وزيادة فى الاقناط ، والجملة مفعول لقول محذوف على لسان الحال كقوله : @ امتلأ الحوض وقال قطنى مهلا رويداً ملأت بطنى @@ أو كلام يرسل الله به ملكاً أو يخلقه الله حيث شاء ، فيسمعونه كما قال : { اخسئوا فيها } [ المؤمنون : 108 ] الخ { إنَّكم } لأنكم { منَّا } متعلق بتنصر من قوله : { لا تُنْصرون } لخروج لا النافية عن الصدر ، لأنها لم تعمل عمل إن وللفاصلة وللتوسع فى الظروف ومن للابتداء ، أى لا يأتكم نصر منّا ينجيكم مما أنتم فيه لتكذيبكم ، كما قال : { قد كانَتْ آياتى تتلى عليْكُم } الخ أى لأنه قد كانت آياتى تتلى عليكم الخ ، وهذا التعليل يمنع ان تكون من بمعنى عن ، او تنصرون بمعنى تمنعون على معنى لا ينصركم عنا ناصر ، او لا يمنعكم منا مانع ، وكذا يمنعه أن الجوار ليس الى غيره فيمنعهم غيره المذكور كأصنامهم { فكنتم } لتلاوتها { على أعقابكم } مؤخرات الأرجل ، وهو تأكيد فى المعنى لقوله : { تنْكصون } ترجعون ، أى ترجعون الى وراء فى الطريق الأول ، كقولهم : رجع عوده على بدئه ، او النكوص مطلق الرجوع الى وراء ، وهو استعارة تبعية للاعراض عن سماعها أشد الاعراض .