Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-1)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تبارك } علا علوًّا عظيماً شأنا وصفة وفعلا ، عن صفات الخلق ، وأخذت المبالغة من التفاعل ، لأن أصله بين اثنين كل يستخرج طاقته ، ومن البركة بمعنى العلو قول العرب : تباركت النخلة ، أى تعالت ، وعلا أعرابى ربوة فقال : تباركت عليكم ، أى تعاليت ، وهو متبادر من قول الشاعر : @ الى الجذع جذع النخاة المتبارك @@ وفى الثلاثة استعمال تبارك فى غير الله ، ومنه قراءة أبى : تباركت الأرض ومن حولها ، وفى الثالث استعمال غير الماضى ، وكل ذلك قليل ، والعلو علو معنى فى الآية كما فسرها الخليل بتمجد ، والضحاك بتعظم ، وقيل : تبارك تزايد خيره وعطاؤه ، بأن دام ولا يزال معطيا كما يقال لمحبس الماء بركة بكسر ففتح ، وبرك البعير ثبت فى الأرض ببطنه وصدره ، وبراكاء الحرب موضعها الذى يلازمه الشجعان . { الَّذى نزَّل الفُرقان } شيئا فشيئا ، وهو القرآن ، لأنه فارق بين الحق والباطل بالبيان ، والمحق والمبطل بالاعجاز مصدر بمعنى فاعل ، أى فارق أو لأنه مفروق فى النزول شيئاً فشيئاً ، كما قال الله عز وجل : { وقُرآناً فرقْناه لتقرأه على الناس على مُكث ونزَّلناه تَنزيلاً } أو فى معانيه أحكاماً وإخباراً ، فهو بمعنى مفعول ، أو كأنه نفس الفرق فى المعنين كقوله ، فإنما هى إقبال وإدبار ، وذلك أصل ثم جعل علماً . { على عَبْده } محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو تشريف له صلى الله عليه وسلم ، بعظم عبوديته لله تعالى ، ورد على النصارى إذ جعلوا الرسول وهو عيسى إلهاً ، والرسول لا يكون إلا عبد لمرسله ، وقيل : الفرقان كتب الله ، والرسول الرسل ، كما قرأ ابن الزبير : على عباده أى على رسله ، ونقول : العباد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمته أى أنزل فى شأنهم { ليكونَ } الفرقان ، أو الله الذى نزَّله ، والعالمون اقوام الرسل على قراءة ابن الزبير ، أو يكون الفرقان ، أو الله أو عبده ، وهو أولى لقربه ، وبماشرته الانذار ، والعالمون أمته صلى الله عليه وسلم الى يوم القيامة ، وقيل والملائكة ، وقيل كل والجمادات لخلق الله عز وجل لها ، تمييزاً وذلك إعظام لشأنه صلى الله عليه وسلم ، بادخال الكل تحت دعوته على غيره من الرسل { نذيراً } لم يقل بشيراً ، لأن السورة مشتملة على ذكر المعاندين ففيه براعة الاستهلال ، وقدم الظرف للتشويق الى متعلقه ، وللفاصلة لا للحصر ، لأن المقام ليس لذكر أنه ما أرسل الا الى الجن والإنس ، وإذا ذكرنا التقديم للفاصلة فزيادة على حكمة ، لأنه كما يطلب تزيين المعنى ، يطلب تزيين اللفظ بالفاصل ، بل لو قدم للفاصلة فقط تزيينا للفظ لجاز مع قوة المعنى ، وإنما الممنوع أن يكون فى تقديمه للفاصلة فقط ركة المعنى .