Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 16-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَوَرث سليمان دَاوُد } أباه وراثة علم لا مال ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " قال أبو الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا دينا ولا درهما ، ولكن ورثوا العلم ، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر " رواه أبو داود والترمذى ، ومثله عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما ، ولنا أن نقول : ورث سليمان العلم والنبوة والملك ، ولا ينافيه الحديث المذكور ، لا فيه إرث للمال ، لا نفى إرث النبوة والملك ، واطلاق الإرث على ذلك مجاز استعارى لجامع القيام مقام من كان لذلك قبل ، ووراثة غير المال فى مواضع من القرآن : { ثم أورثنا الكتاب } [ فاطر : 32 ] { فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب } [ الأعراف : 169 ] وأيضاً لداود تسعة عشر ولداً ، فلو كان إرث مال لم يذكر سليمان وحده ، إلا أنه لا مانع من ذكره وحده ، لأنه خليفته . وقد جاز أن يقال : ورث فلان أباه ، ولا يلزم أنه ورثه ، وحده إلا أنه لو كان ذلك لترك الايهام الى قوله : وقال سليمان بعد موت أبيه : يا أيها الناس ، وأيضاً لا مدح فى إرث المال ، والمقام للمدح بالدين ، وهو حين موت داود ابن اثنتى عشرة أو ثلاث عشرة سنة ، ويقال أوصى له بالملك ، ويقال ولاه فى حياته ، وربما تقوى بذلك أن الملك غير داخل فى الارث ، لأنه بالايصاء أو فى الحياة ، إلا ان ما بالايصاء يصح عليه الارث . { وقال } شكراً للنعمة ، وإعلاماً وبرهانا للاعجاز ، فلا بد من قوله ليصدقوه إذا قال عن الطير : { يا أيها الناس عُلِّمنا } عُلِّمت ، وجمع لأنه أعظم قومه وماله يعود نفعه إليهم بالانقياد اليه ، لا عُلمت أنا وأبى كما قيل { مَنْطق الطَّيْر } علمنا مضمون نطقها ، وتسمية أصواتها نطقاً استعارة أصلية ، لأن المصدر الميمى كسائر المصادر غير مشتق ، أو سماها أصواتاً تسمية للمطلق بالمقيد ، فذلك مجاز مرسل أصلى أو شبه الصوت بالانسان ، ورمز الى ذلك بلازم الانسان ، وهو النطلق ، فالنطق استعارة تخييلية ، صاح ورشان فقال : إنه قال : لدوا للموت وابنوا للخراب ، وصاحت فاختة فقال : فقالت : ليت هذا الخلق لم يخلقوا ، تعنى المكلفين من الجن والانس ، وطاوس فقال يقول : كما تدين تدان ، وهدهد فقال : يقول استغفروا الله مذنبين . وروى أنه يقول : من لا يرحم لا يرحم ، وقائل : استغفروا الله يا مذنبين ، الصرد وطيطون فقال يقول : كل حى يموت ، وكل جديد بال ، وخطاف فقال يقول : قدموا خيراً تجدوه ، وقيل يقول الخطاف : الحمد لله رب العالمين ، ويمد كالقارىء ، ورخمه فقال تقول : سبحان ربى الأعلى ملء سمائه وأرضه ، وروى هذا لحمامة وقمرى فقال يقول : سبحان ربى الأعلى ، وقيل سبحان ربى الدائم ، والغراب يدعو العشار ، وقال تقول الحدأة : كل شىء هالك إلا الله تعالى والقطاة : من سكت سلم ، والببغاء : ويل لمن الدنيا همه ، والديك : اذكروا الله يا غافلين ، والنسر يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت ، والعقاب : فى البعد عن الناس أنس ، والقنبرة : اللهم العن مبغض محمد وآل محمد ، والزرزور : اللهم أسألك رزق يوم بيوم يا رزاق ، والدراج : الرحمن على العرش استوى . ولا يختص علمه بمنطق الطير فإنه مر ببلبل على شجرة يحرك رأسه ، ويميل ذنبه ، فعلم فعله بلا نطق ، وقال : بذلك أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء ، وقال يقول الضفدع : سبحان ربى القدوسى ، وقيل : سبحان المذكور بكل لسان ، وليست طائراً وتنطق له الشجر إنى أنفع لكذا ، ولكن خص الطير بالذكر ، لأنها من جنوده ، ويرسلها وتظلل عليه ، وسأل جماعة من اليهود ابن عباس عما يقول سبعة ذكروها ، فقال : سلوا تفقهاً فقال ان القنبر يقول : اللهم العن مبغض محمد وآل محمد ، والديك : اذكروا الله يا غافلين ، والضفدع : سبحان الله المذكور فى البحار ، والحمار : اللهم العن العشار ، والفرس إذا التقى الجمعان : سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح ، والزرزور : اللهم إنى اسألك قوت يوم بيوم يا رزاق ، والدراج : الرحمن على العرش استوى فأسلموا وحسن اسلامهم . { وأوتينَا مِن كلِّ شىءٍ } النبوة والملك ، وتسخير الجن والانس والشياطين ، والريح أو ما يحتاج اليه الملك من الآت الحرب وغيرها ، وما دخل من ذلك على قول فى قوله : { وورث } الخ فغيره داخل هنا ، وعن ابن عباس : المراد هنا ما يهمه من الدنيا والآخرة ، والمراد بالكلية الكثرة ، كناية أو مجازاً مشهوراً تقول : فلان يقصده كل أحد ، ويعلم كل شىء تريد الكثرة . { إنَّ هذا } اى المذكور من التعليم والايتاء { لهُو الفَضْل المُبِين } من كلام سليمان كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " أو من كلام الله .