Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 15-15)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولَقَد آتينا داودَ وسليمانَ عِلْماً } يليق بهما بعد النبوّة ، كما لقيناك القرآن وهو علم الشريعة والقضاء ، وصنعة لبوس ، ومنطق الطير ، والتنوين للتعظيم { وقالا } شكراً عى ما أوتيا { الحمْدُ لله الَّذى فضَّلنا على كَثيرٍ من عِباده المُؤمنينَ } كل واحد قال : الحمد لله الذى فضلنى الخ ، وجعهمما فى قالا كقوله تعالى : { يا أيها الرسل كلوا } [ المؤمنون : 51 ] الخ فانه قال لكل واحد فى زمانه يا أيها الرسول كان ، والمراد بالمؤمنين الذين لم يعطوا ما أعطيا ، ونفى قليل قد فضل عليهما . وفى ذلك مقابلة الكثرة بالقلة ، وفيه أن هذا لا يلزم ، بل يفضل عليهما القليل أو بيساوياه احتمالان ، ولا يجزم بان الكثير يقابله القليل فى مثل هذا المقام ، بل يدل أن الأكثر يخالف القليل ، وجزم بعض بأنه فضلا على كثير ، وفضل عليهما كثير ، وفيه أن العرف طرح التساوى ، والذى أقول به إن المراد فضلا على كثير ، وهذا الكثير مساو للباقى ، او اكثر أو أقل ، كما هو شان القانع المكتفى بمزيد ما ، فشكراً على أنه لم يقصر تفضيلهما على قليل فقط ، وفى الآية تفضيل العلم على المال ، والملك والعبادات ، إذ حمدا الله عليه ، وفيها تحريض على أنه من علم شيئاً من علم الشريعة او آلاته ، ان يحمد الله عليه ، وأن يتواضع العالم ، وأن يقبل الحق ممن جاء به . وكان عمر رضى الله عنه يخطب على المنبر ، وينهى عن المغالاة فى المهور ، فقالت امرأة : { وآتيتم إحداهن قنطاراً } فقال : كل الناس أفقه منك يا عمر ، أو كل الناس أفقه من عمر ، وهو رضى الله عنه مصيب فى نهيه ، لأن النهى عن مغالاة المهور جاء فى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه أعجبه استحضارها الآية فى ذلك المقام ، والآية ليست آمرة بمغالاة المهور ، بل جاءت على سبيل الفرض ، كأنه قيل : ولو آتيتموهن قنطاراً ، وليس وقوع الشىء منافياً لكراهته ، فلو أعطى قنطاراً لصح ، وجاء عليه نهى التنزيه ، وفى الآية جواز أن يقال : الحمد لله على ما أعطانى من العلم ، بل لو قال : أنا عالم لأمر داع لقوله بلا فخر ولا رياء ولا ترفع لجاز ، فان فى قولك : الحمد لله على ما أعطانى من العلم يتضمن انا عالم ، وما جاء من انه من قال أنا عالم فهو جاهل لم يصح حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم ، وإن صح فمحمول على من قاله فخرا أو رياء ، لأن نحو الرياء جهل وسمعة .