Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-21)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وتَفقَّد الطَّيْر } اختبر أحوالها إجمالا ، مراعاة للرعية ، ولا سيما الضعفاء كالطير ، فلم ير الهدهد ، أو جاءته الشمس فى جنبه الأيمن ، وهو موضع الهدهد فوق فى الاظلال ، أو طلبه ليدله على الماء فى مفازة تحت الأرض ، وكان الهدهد يرى الماء فى داخلها ، فتسلح الجن الأرض اليه فى سرعة فلم يره { فَقَال مالى لا أرى الهُدهُد } مع أنه معنا ، وأى ساتر له إذ قد يستتر بما هو أعظم { أمْ كان من الغَائبينَ } ، ولم أشعر بغيبته ، واختار بعض أن ام منقطعة ، أى بل أكان من لغائبين ، وما ذكر من أن الهدهد يرى الماء تحت الأرض ، ذكر عن ابن عباس ، واعترضه نافع بن الأزرق بأنه ينصب له فخ وتستر له حبة بالتراب فيصاد ، وأجاب بأنه اذا جاء القدر حال دون البصر ، فقال : لا أعارضك بعد ، وأجبنا بأنه اختص هدهد سليمان بذلك ، أو يرى الحبة ولا يعرف أن أخذها من الفخ يوجب صيده ، أو يعرف ويظن أنه ينجو بوجه ، وصحح الحاكم ما ذكر من رؤيته الماء تحت الأرض . ويروى أنه سار الى مكة شكراً على بناء بيت المقدس ، والمشهور أنه مر عليها فى طريقه الى اليمن ، وقال : يخرج من هنا نبى عربى ينصر على من عاداه ، ويسير النصر أمامه شهراً ، يجىء بدين ابراهيم ، طوبى لمن أدركه وآمن به وهو خاتم الأنبياء والرسل ، فبلغوا ذلك لغيركم وبينكم وبينه ألف عام ، وسار منها الى اليمن صباحا يوم سهيلا ، فوافى صنعاء وقت الزوال ، فرأى أرضا أعجبته خضرتها ، فنزل ليتوضأ ويصلى ، فتفقد الطير للهدهد يدله على الماء . وعن كعب الأحبار أنه سار من اصطخر يريد اليمن ، فمر على المدينة فقال : هذه مهاجر نبى يكون آخر الزمان ، طوبى لمن اتبعه ، ورأى أصناما حول الكعبة فجاوزها ، فبكت فأوحى الله اليها ما يبكيك ؟ قالت : نبيك وأولياؤك لم ينزلوا عندى ، ويصلوا ، وحولى أصنام ، فأوحى الله تعالى : إنى سأعمرك بأفضل الأنبياء وأفضل الأمم ، وأفرض عليهم الحج راغبين أشد الرغبة فيك ، يزفون اليك زفيف النسر الى وكره ، والحمامة الى بيضها ، والناقة الى ولدها ، وأطهرك من الأصنام ، وذكروا أنه تقرب كل يوم فى اقامته فى مكة على رواية دخولها بخمسة آلاف بقرة ، وخمسة آلاف ناقة ، وعشرين ألف شاة ، وهذا بعيد ، وهل يوجد فى الشام أكثر من هذا ، حتى أخذ منه هذا ، وهل حمله فى البساط أو وجده فى مكة ، ولم خص النوق ، وهلا قيل : بعير فنؤمن بانه أكثر القربان ، وأنه قصد اليمن ، وتفقد الطير ولم ير الهدهد فقال : { لأعذبنَّه عذابا شديداً } بنتف ريشه كله أو نصفه أو ريش جناحيه ، وذلك مع إلقائه فى النمل أو فى الشمس ، أو بطليه بالقطران ، وإلقائه فيها ، أو بحبسه فى القفص ، أو بتفريقه عن الفه ، أو بحشره مع غير جنسه ، ويقال : أضيق السجون معاشرة الأضداد ، او بابعاده من خدمته ، أو بالزامه خدمة أقرانه أو نحو ذلك ، أباح الله له ذلك تأديباً ، كما تضرب الدابة والعقاب على قدر الفعل ، لا على قدر الجسد . { أو لأذبحنَّه أو ليأتينِّى بسُلطانٍ مُبينٍ } حجة ظاهرة ، وفى اللفظ مناسبة لسببها فى جلب سلطان وهو بلقيس ، والقسم على الأولين متردداً أو مخيراً لا على الثالث ، فانه ساقه على طريق النجاة به عنهما .