Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 40-40)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالَ الذى عنْدهُ علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أنْ يرتَدَّ اليكَ طَرْفك } أعاد القول بيانا لتفاوت القولين ورجحان الثانى ، حتى أنه لا اعتبار للأول إلا إذا فسرنا القيام من مقامك باستوائك واقفاً ، فانه قريب من مقدار ارتداد الطرف لكن يبقى التفاوت ببعض المدة ، وبأن ما من الذى علم من الكتاب أقوى وأنسب مما نسب لقوة البدن ، والعلم إدراك أو أمر معلوم أدركه يجاب به الدعاء ، والكتاب التوراة أو الجنس أو اللوح المحفوظ . وقيل : الذى أرسل الى بلقيس هو آصف بن برخيا بن شمعيا بن منكيل ، وأمه باطور من بنى اسرائيل ، وهو وزير سليمان وابن أخته ، يعلم الاسم الأعظم ، وكان كاتبه ، أو هو رجل اسمه أسطوم ، وقيل : أسطورس ، وقيل ، رجل يقال له : ذو النور ، وقيل الخضر ، وقيل رجل اسمه ملخ أو تمليخا ، وقيل يقال له هود ، وقيل ضبة بن أد جد بنى ضبة من العرب ، يخدم سليمان ، وكان على قطعة من خيله ، وقيل : جبريل ، وقيل ملك آخر من الملائكة ، أيد الله به سليمان عليه السلام ، والمشهور الأول آصف ، دعا : يا حى يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حى يا قيوم ، يا إلهنا وإله كل شىء إلهاً واحداً ، إتينى بعرشها ، دعا بذلك فأتت به الملائكة من تحت الأرض ، ووضعته بين يدى سليمان ، وكاف آتيك فى الموضعين لسليمان . وقيل : هو سليمان لأنه أعلم أهل زمانه ، سجد ودعا فالكاف الثانية ، وكاف إليك وطرفك خطاب منه للعفريت استحقار منه لقوة العفريت بالنسبة لما فى العلم ، ومعنى إتيان سليمان به للعفريت استحضاره فى موضع هو فيه ، والصحيح هو الأول ، وتخصيص أحد من أمة نبى بما لم يكن لذلك النبى لا يقدح فيه ، لأن الله أن يفعل ما شاء ، وأيضاً لم يخبرنا الله أن سليمان لا يقدر على ذلك ، وأيضاً ذلك للرجل مع عظم شأنه تحت سليمان ، وخدم من خدمه ، والموصول وصلته ، يجوز استعماله فى غير معلوم للتعظيم ، نحو : { فغشيهم } [ طه : 78 ] الخ ، فلا يلزم ان يكون هو سليمان ، وقوله : { من فضل ربى } حمد على ما أجرى الله تعالى له على من تحت يده . وأيضا جرى على يد آصف ، ليعلم الناس أنه خليفة بعده ، ويعلموا فضله ، وأن ما ناله انما ناله بصحبة سليمان والمراد بارتداد الطرف مدة رجوع نظره اليه بحسب اختياره لا الى خصوص نفسه ، فانك تنتقل من نظر شىء الى ما شئت من إمساكه عن النظر ، ومن نظره الى آخر وفسره بعض بانضمام الجفن بعد فتحه ، ويروى أن آصف بن برخيا قال لسليمان : مد عينيك حتى ينتهى طرفهما فنظر نحو اليمن كذلك ، فحضره العرش قيل ارتداده . { فلمَّا رآه } بعينيه { مستقرأ عنْدَه } الاستقرار كون خاص لا عام ، ولذلك ذكر ولم ينب عنه الظرف ، فان المراد به الثبوت مع الرسوخ ، وعدم التزلزل الى جهة ، وبين موضعه من الشام ، وموضع العرش من مأرب مسافة شهرين ، وقيل هو حينئذ فى صنعاء فبينه وبين العرش ثلاثة أيام ، وجاء بين السماء والأرض ، وقيل : انشقت به الأرض ، وقال ابن العربى أعدمه الله فى محله ، وأوجده عند سليمان كخلق الميت بعد موته . { قال هذا } ما ذكر من استقراره عنده { مِنْ فَضْل ربى } لى أو على من غير استحقاق ذاتى { ليَبْلوَنى } خبر ثان ، أو متعلق بقوله من فضل ربِّى { أأشكر } هذه النعمة بزيادة العبادة وزيادة الايمان ، وزيادة التواضع ، والتبرؤ من حولى ، وقوتى ، وحول غيرى وقته ، من اعتبار الوسط { أم أكْفُر } عكس ذلك { ومنْ شَكَر } نعم الله { فإنما يشْكُر لنَفْسِه } قصد الشكر لنفع نفسه ، بإدامة الموجود ، وجلب غيره ، وأداء الواجب أو قصده تعبدا بدون قصد النفع ، أى فشكره عائد إليه { ومن كَفَر } النعمة ، جوابه محذوف أى فانما أهلك نفسه أغنى تعليله عنه بقوله : { فإنَّ ربِّى غنىٌّ } أى لأن الله غنى عن شكره ، لا نفع له فيه لا يضره كفره ، فايه خالق النفع والضر ، ومن شأنه الكرم على العاصى والمطيع ، وحصلت المناسبة لقوله : { كريمٌ } لا يقطع النعم بكفرها ، ولا يعجل به الانتقام إلا قليلا ، ولا تجز فى القرآن أو غيره ، أن تكون من موصولة ، والفاء صلة فى خبر المبتدأ إلا لداع صناعى او معنوى .