Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 43-44)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وصَدَّها ما كانَتْ تَعبد منْ دُون اللهِ } ما مصدرية ، والمصدر فاعل صد ، أى صدها عن الاسلام قبل ، او عن إظهاره الى هذا الحال كونها تعبد غير الله سبحانه ، أو نكرة موصوفة أو اسم موصول واقعة على الشمس فاعل صد ، أى صدها عن الاسلام قبل ذلك شىء تعبده من دون الله ، وهو الشمس ، أو الشىء الذى تعبده من دون الله ، أو الشمس التى تعبدها ، والرابط فى ذلك كله مقدر كما رأيت ، واسناد الصد الى ما كانت تعبده مجاز عقلى لعلاقة السببية ، وحقيقته وصدها الله بما كانت تعبده ، واسناده الى العبادة على وجه المصدرية حقيقة على العرف { إنَّها كانَتْ مِنْ قومٍ كافرينَ } لما أسلمت لم تظهر الاسلام قبل هذا الحال ، لرسوخ كفرهم ، وكأنه قيل : ماذا قيل لها بعد ذلك الامتحان ؟ فأجيب بقوله : { قيل } أى قال غير سليمان أو سليمان { لها ادْخُلى الصَّرْح } أو ذلك خبر ثان لكانت ، ولهذا ربط بالضمير من لها ، وأما ما قيل من أنه جىء بـ { لها } هنا دون قيل أهكذا المكان أمرها ، فلا يتم ، لأن أهكذا أيضا خطاب لها يستدعى جوابا ، كأنه قيل أجيبى ، والصرح القصر العالى من معنى التصريح ، وهو الاظهار ، وزعم بعض انه هنا البركة ، وبعض انه صحن الدار أو ساحتها ، ويناسبه قوله : { إنه صرح ممرَّد } روى أنه أمر الجن فبنوا لها الصرح من زجاج أبيض ، وأجروا من تحته الماء ، ودواب الماء ، أو بنوا طبقات من الزجاج الذى هو كالماء بين كل طبقتين ماء وحيوانه ، وهذه المبالغة تنافى انها أرادت أن تخوضه ، إلا أن تقاربت الطبقات ، ووضع سريره فى صدر المجلس ، وجلس عليه ، وعكفت عليه الطير والجن والانس ، وذلك امتحان لها فى الايمان . وقيل : ليتبين كذب من قال : إن رجْلها رِجْل حمار إذا كشفت عن ساقيها تخوض اللجة ، ولكن بان أنهما شعر أو ان جاز لخاطب امرأة أن ينظر الى وجهه ، وظهر قيدميها ، قيل وشعرها ، وساقيها . { فلمَّا رأته } أى الصرح أى أسفل الصرح { حَسِبتْه لجةً } ماء عميقا قدر ما تخوض فيه { وكَشَفت عَنْ ساقَيْها } أذيالها لئلا تبتل { قال } سليمان ، وقيل : قال القائل ادخلى ويرده أنه لو كان ذلك لقال قيل كما قيل أولا { إنَّه } أى ما ترين من البناء كله أعلاه وأسفله { صَرحٌ مُمرَّدٌ } أو أنه بعض صرح ممرد ، أى مجرد عما يرد نفوذ البصر { مِنْ قَواريرَ } قطعات زجاج ، أو قطعات مجوفة منه نعت ثان ، أو خبر ثانٍ { قالت ربِّ إنِّى ظلمْت نَفْسى } بعبادة غيرك ، وكفرى بسليمان ، ومن أشرك فقد كفر بالأنبياء علم بهم أو لم يعلم ، قبل علمه وبعده ، ولا دليل يعلم به انها أرادت أنى ظلمت نفسى بظنى أن سليمان أراد اغراقى ، أو بامتحانيه حتى امتحننى ، { وأسْلَمت معَ سليمان لله } مقتضى الظاهر لك وإسقاط مع سليمان ولكن اتت باسم الجلالة تعظيماً لربها سبحانه بالألوهية والتفرد باستحقاق العبادة ، والملك لكل موجود كما قال : { ربِّ العَالمين } لما جددت الاسلام بحضرته تزوجها وأصدقها بعلبك ، وأقرها على ملكها ، وأمر الجن فبنوا لها سليحين وغمدان وبيسنون ، ويزورها فى الشهر مرة ، ويقيم عندها ثلاثة أيام ، وولدت له أبنا . أخرج البيهقى عن الأوزاعى فى الزهد : أنه كسر برج من أبراج تدمر ، فأصابوا فيه امرأة حسناء دعجاء ، مدمجة كأن أعطافها طى الطوامير ، عليها عمامة ثمانون ذراعا ، مكتوب على طرفها بالذهب : بسم الله الرحمن الرحيم أنا بلقيس ملكة سبأ ، زوج سليمان بن داود عليهما السلام ، ملكت من الدنيا كافرة ومؤمنة ، ما لم يملكه أحد قلبى ، ولا يملكه أحد بعدى ، صار مصيرى الى الموت ، فأقصروا يا طالبى الدنيا ، وما تزوجها إلا بعد أن أزال شعر ساقيها بالنورة ، أخرجها له الشياطين بعد أن سأل الانس وسائر الجن فلم يجيبوا إلا بالحق ، فكرهه مخافة ان تجرح ، وقيل أمرها بالتزوج ، فقالت : وأنا ملكة الملوك ؟ قال : لا بد فى الاسلام منه ، قالت : فزوجنى ذا تبع ، ففعل وردها الى اليمين ، وأمر زوبعة أمير جن اليمن أن يخدمه ، ويزى أنه لما مات سليمان نادى فى اليمن يا معشر الجن ارفعو أيديكم قد مات سليمان فتفرقوا .