Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 28-29)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولُوطاً } عطف على ابراهيم او نوحاً { إذْ قال لقَوْمه } تقدم مثله { إنكم لتأتون الفاحشة } الفعلة القبيحة جداً { ما سبقكم بها } على ظاهره او بمعنى فيها { من أحدٍ } فاعل ، ومن صلة لتأكيد العموم { من العالمين } يستقبحها كل احد ، والجملة حال من الفاحشة او من واو تأتون ، أى مبتدعة او مبتدعين ، وفسر اتيان الفاحشة مع التوبيخ بقوله : { أئنكم لتأتون الرَّجال } الذكور صغاراً وكباراً استعمالاً للخاص في العام { وتقطعُون السَّبيل } سبيل الولادة ، لان الاتيان في الدبر لا يحمل ، ولو فى ادبار الاناث ، فكيف بادبار الذكور ، لان الدبر يوصل الى محل الطعام لا الى محل الحمل ، او تقطعون السبيل في الارض بأن لا يأتيكم الناس لكراهة ان تفعلوا بهم ، وقيل لا يأتيكم الناس لقبحكم بذلك ، او بالقتل واخذ المال { وتأتون في نادِيكُم } في مجلسكم الممتلئ بالناس { المُنْكر } كاللواط فى محضرهم الغريب ، ولبعض مع بعض ، والضرط فيه ، وحل الازار ، ولا حياء لهم ، وعن ام هانئ بنت ابى طالب ، عنه صلى الله عليه وسلم : " يحذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم " رواه احمد والترمذى والطبرانى والحاكم والبيهقى ، يرمون ابن السبيل بالحصى ، فمن اصابته حصاته جامعه واخذ ماله ، وقيل : يغرمه ثلاثة دراهم ويجامعه ، ويأخذ ما معه ايضاً ، وعن ابن عباس : الرمى بالحصى والبنادق ، وفرقعة الاصابع ، ومضغ العلك والسواك بين الناس ، وحل الازار والسب والفحش بالمزاح ، والضرط والتصافع ، وعن مجاهد لعب الحمام وتطريف الاصابع بالحناء ، والصفير والحذف بالحصى ، ونبذ الحياء فى جميع امورهم ، ولم يات عن لوط انه دعاهم الى الاسلام لانهم من قوم ابراهيم ، وقد كفاه فى ذلك . { فَما كانَ جَوابَ قَوْمه إلاَّ أن قالوا ائتنا بعَذَاب الله إنْ كنْتَ من الصادقين } فى دعوى النبوة ، وفى تقبيح اللواط وتحريمه ، والعذاب عليه ، فانه يذكر لهم العذاب والتحريم ولو فى اول مجيئه اليهم للنهى ، ولا يتنافى هذا الحصر والذي فى قوله : { إلاَّ أنْ قالوا أخرجوهم } [ الأعراف : 82 ] والذى فى قوله : { إلاَّ أنْ قالوا أخرجوا آل لوط } [ النمل : 56 ] لان الحصر فيهن اضافى ، اى قالوا تلك الاقوال دون ان يذعنوا او يلينوا بشئ ، وهذا اولى من ان يقال : ما هنا عن كبارهم ، والآخران عن غير كبارهم ، أو بالعكس ، ومن ان يقال : جوابهم إذ نصحهم وغيره جوابهم فيما بينهم ، إذ تشاوروا ، وقد بلغوا هذا الجواب كما هو ظاهر الآية ، ومن ان يقال ما هنا اول الوعظ كذبوه وسخروا به ، والآخران انتقام منه إذ عاودهم ، ولا يبيح الله سبحانه وتعالى لواط الولدان في الجنة ، ولا ادبار النساء ، ولا يخطئ الله في قلوبهم ان يحبوا ذلك فيجابوا لقبحه عقلا وشرعا ، وابيحت خمر الجنة ، لانها لا تسكر ، بل قال ابن العربى لا ادبار لاهل الجنة ، لانها لخروج الفضلة والريح ، وليسا فيها ، واخطأ من اجاز ذلك من قومنا ، وأقول لعل لهم ادبار لكمال الخلقة لا لذلك .