Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 103-103)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً } كونوا على دين الله بالاتباع بالإسلام والاعتقاد والطاعة والإخلاص ، وعن ابن مسعود بالطاعة والجماعة ، فينجو من النار إلى الجنة ، كمن يمسك بحبل يطلع به ، من مضرة ، أو يرتفع به إلى منفعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القرآن حبل الله المتين " رواه الحاكم ، وعنه صلى الله عليه وسلم " القرآن حبل الله المتين لا تنقضى عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد ، من قال به صدق ، ومن عمل به رشد ، ومن اعتصم به هدى إلى صراط مستقيم " أى لا يبلى من كثرة التردد بقراءته ، بل هو أبداً طري ، قال الشاطبى : وبعد فحمل الله فينا كتابه . عن ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم : " حبل الله القرآن " ، وعن زيد بن ثابت عنه صلى الله عليه وسلم : " القرآن وأهل بيتى لن يفترقا حتى يردا على الحوض " ، شبه قبول دين الله أو القرآن والعمل به والانتفاع بإحضار حبل وثيق ، والارتباط له ، والتوصل به إلى خير ، فذلك استعارة تمثيلية ، وهى أولى من استعارة الإفراد ، كاستعارة الحبل للعهد ، تصريحية أصلية ، والقرينة الإضافة ، واستعارة الاعتصام للوثوق بالعهد تصريحية ، أصلية ، واشتقاق اعتصم تصريحية تبعية ، وكاستعارة الحبل ، وإبقاء اعتصموا ترشيحاً ، أو فى الحبل مكنية وفى الاعتصام تخييلية ، ويجوز اسعتمال الاعتصام مع أنه تمسك مخصوص بجسم فى مطلق التوثق ، فمنه التوثق بعهد الله ، فذلك مجاز مرسل أصلى لعلاقة الإطلاق والتقييد ، واشتق منه اعتصم مجازاً مرسلاً تبعياً { وَلاَ تَفرَّقُوا } لا تتفرقوا عن الإسلام بالاختلاف فيه ، ولا بذكر ما يزيل الألفة ، كتفرق الجاهلية بالحروب ، وتفرق أهل الكتاب بعد كونهم معه ، اولا تتفرقوا فيما بينكم أو فيما بينكم وبين الرسول { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَليْكُمْ } يا أيها الأنصار بالتوفيق للإسلام وتوابعه ، أو بالتاليف بين قلوبكم المذكور بعد { إذ } متعلق بنعمة بمعنى الإنعام أى إنعام الله عليكم وقت { كُنتُمْ أَعْدَآءً } تقتتلون وتتحاقدون وتتشائمون مائة وعشرين سنة قبل الإسلام ، ولا يتعلق باذكروا ، لأن وقت الأمر بالذكر متأخر عن وقت كونهم أعداء ، او نعمة الله نعمه ، فيتعلق إذ بمحذوف حال ، والأول أولى ، لأن فيه الحمد على الفعل ، وهو الإنعام وهو أبلغ من الحمد على أثره ، وهو النعم { فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ } بهدايته لكم للأسلام { فَأَصْبَحْتُمْ } صرتم ، واختار لفظ الصباح لأنه أفضل من الليل ولأنه أول النهار ، لأأو لأنه بعد الظلمة كالإسلام بعد شرك ، مع احتمال أن ذلك وقع صبحاً تحقيقاً { بِنِعْمَتِهِ } بالإسلام أو بالتأليف به أو بنبيه صلى الله عليه وسلم { إخْوَاناً } فى الدين والتناصر كأخوين من أب وأم تناصراً لنسبهما ، وكان الأوس والخزرج لأب واحد وأم واحدة ، وتناصرهم للإسلام ، لا لاتحاد الأبوين ، فالمؤمنون من حيث إنهم منتسبون إلى أصل واحد ، وهو الإيمان ، كالإخوة المنتسبين إلى أب واحد وأم واحدة ، والأول سبب للحياة الأبدية والثانى سبب للحياة الفانية ، وآخر الحرب بين الأوس والخزرج يوم بعاث ، وقيل الخطاب لمشركى العرب ، ولعل المراد بعد إسلامهم ، لقوله : فأصبحتم إخواناً بالإسلام { وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ } طرف الحفرة الأسفل ، إذ كانوا فى الكفر والفتن الموجبة للنار ، كما قال { مَّنَ النَّارِ } التى هى جهنم ، ما بينكم وبينها إلا الموت على الشرك ، أوتمثيل للخسران { فَأَنْقَذَكُمْ } خلصكم { مِّنْهَا } من الحفرة أو من النار ، أو من شفا ، وأنث لإضافته لمؤنث يصلح الاستغناء به عنه ، أو لاعتبار معنى شفة البئر ، والمراد من موجبات النار ، بتوفيقه إياكم إلى الإسلام ، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو الشفا الطرف الأعلى من الحفرة ونحوها ، كقوله تعالى : { على شفا جرف } [ التوبة : 109 ] ، بمعنى أنهم أشرفوا على النار بكفرهم وفتنهم ، فنجاهم الله منها بالإسلام ، فلو ماتوا قبل الإسلام لدخلوها ، شبه الموت على المعصية بالكون على شفا حفرة من النار بجامع ترتب المضرة ، ومضرة المعصية الخسران والعذاب قبل جهنم ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم " الراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه " ، ومعنى إنجائهم من الشفا إنجاؤهم من مظنة الهلاك { كَذَلِكَ } مثل تبينه لك حال الأنصار قبل الإسلام وحالهم بعده { يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ ءَايآتِهِ } أى سائر دلائله على سائر دينه { لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ } إلى ما لم تهتدوا إليه قبل ، أو تبقون على الاهتداء ، ومر معانى صيغة الترجى من الله ، أو أراد بالترجى الإرادة المتشابهة أواللزوم إلى التسبب .