Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 134-134)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الذِينَ يُنْفِقُونَ } ما تيسر بحسب ما قدروا عليه { فِى السَّرَّآءِ } حالة الحسن من فرح ورخاء وسعة وصحة وفى الحياة على الولد والقريب ونحو ذلك { وَالضَّرَّآءِ } حالة السوء من حزن وشدة وضيق ومرض ، وبعد الموت بالإيصاء وعلى العدو ونحو ذلك ، والمراد لا يخلون من نفقة ويروى أن عائشة رضى الله عنها تصدقت بعنبة ، وقالت : كم فيها من مثاقيل الذر ، تعنى قوله تعالى : مثقال ذرة { وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ } الكافين أنفسهم عن المجازاة بنحو كلام سوء للصبر بلا ظهور أثر له على البشرة ، أو مع ظهور الضرورى مع القدرة عليها ، كما تمنع القربة بوكائها من خروج مائها ، روى أحمد وأبو داود وعبد الرزاق والطبرى وغيرهم عنه صلى الله عليه وسلم ، " من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً " ، وروى أحمد عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم : " من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق حتى يخيره الله تعالى ، من أى الحور شاء " ، والغيظ هيجان الطبع ، لرؤية ما يكره أو لاستحضاره ، وإن تبعه إرادة الانتقام فغضب ، والغضب يظهر على الجوارح بخلاف الغيظ { وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } لا يعاقبونهم قال صلى الله عليه وسلم : " هؤلاء من أمتى قليل إلا من عصم الله " ، وقد كانوا كثيراً فى الأمم التى مضت ، ولا ينافى هذا أن هذه الأمة أفضل ، لأنه قد يكون فى المفضول ما لم يكن فى الفاضل ، أو القلة باعتبار مقابلة هذه الأمة بالأمم كلها ، فإن ما فيها أقل مما فى مجموع الأمم كلها ، ولا يصح ما قبل ، إن القلة فى الحديث تحتمل معنى العدم ، وقد اجتمع ذلك فى النبى صلى الله عليه وسلم إذ رجع ابن أبىّ عن أحد برجاله ولم يظهر صلى الله عليه وسلم نفاقه لعامة المسلمين ، بل كظم ، وعفا عن الرماة ، إذ فارقوا المركز ، وعفا عن المشركين ، كلما أوحى إليها بأن شئت أهلكوا ، وقدم الإنفاق لأن المال شقيق الروح ، والكظم لأن فيه ملك النفس وقت الغضب ، وعنه صلى الله عليه وسلم ، " ينادى مناد يوم القيامة ، اين الذين كانت أجورهم على الله ، فلا يقوم إلا من عفا " ، ورواه للرشيد ابن عيينة ، وقد غضب على رجل فخلاه ، قال صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يشرف له البنيان وقت القيامة وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ، ويعط من حرمه ، ويصل من قطعه " ، رواه الطبرانى عن أبى بن كعب { وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } المذكورين بالكظم والإنفاق والعفو وغيرهم ، وقيل : المراد المذكورون ، والإحسان إتقان العمل ، وقيل : الإنعام على الخلق ، وقع إبريق من جارية تصب الوضوء على رأس على بن الحسين فشجه ، فقالت : والكاظمين الغيظ ، قال : كظمت غيظى ، قالت : والعافين عن الناس ، قال : عفوت ، قالت : والله يحب المحسنين ، قال : أعتقتك لوجه الله ، وفى الحديث : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، وزعم عطاء أن المسلمين قالوا : يا رسول الله ، بنو إسرائيل خير منا ، إذا أصبح أحدهم وجد مكتوباً على باب داره ، مخرجك من ذنبك أن تجدع أنفك ، فسكت صلى الله عليه وسلم ، فنزل : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم إلى وهم يعلمون ، فقال : " ألا أنبئكم بخير من ذلكم ، فقرأ ذلك " ، يعنى ، أن المغفرة بما ذكر فى الآيات خير من المغفرة بنحو جدع الأنف ، فأنتم خير منهم ، وهؤلاء السائلون توهموا أن التصريح بجزاء الذنب أنه كذا تفضيل ، لأنه يوقن أنه مغفور ، ونحن نرى ذلك تضييقاً .