Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 156-156)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَآ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا } أشركوا بقلوبهم ونافقوا بألسنتهم { وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ } فى شأن إخوانهم ، فقيل أو عن إخواتهم أو لأجل إخوانهم ، أو خاطبوا إخوانهم تجوزا ولو غابوا أو ماتوا ، وعلى هذا الأخير يكون مقتضى الظاهر ، لو كنتم عندنا ما تم وما قتلتم بطريق التفات السكاكى ، والمراد بإخوانهم المسلمون من الأنصار ، إخوة النسب ، أو إخوانهم فى النفاق إخوة الدين والنسب { إذَا ضَرَبُوا فِى الأرْضِ } سافر لتجر أو معاش وماتوا ، وخص الأرض لأن سفرهم فى البحر قليل ، وإذا بمعنى إذ للمضى بدليل قالوا ، أو على ظاهرها فيكون قالوا بمعنى يقولون ، أو يبقى قالوا على المضى زمانا إلا أنه يعتبر مغنياً عن الجواب فيفيد الاستقبال ، بواسطة الشرط كقوله : { وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه } [ يوسف : 24 ] ، أو يصور المخاطب كونه قبل القول فيصح له استقبال إذا أو يراد بإذا الاستمرار فيفيد الاستحضار نظراً إلى الاستمرار كقوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } [ البقرة : 14 ، 76 ] ، والضرب فى الأرض السفر فيها ، والإبعاد عند بعض ، ولا يتم إذ لا يختص بالإبعاد فى الآية شرط ، ولا يصح تفسير الأرض بما يشمل البحر ، إذ لا سير فى البحر إلا على الجمع بين الحقيقة والمجاز ، أو عموم المجاز ، وهو مطلق الذهاب عن الأهل { أَوْ كَانُوا غُزَّى } فقتلوا بدليل قوله عزوجل ، وما قتلوا ، والمفرد غاز ، وزنه فعل كراكع وركع ، قلبت لواو ألفاً ، لأنها تحركت بعد فتح ، فحذف للساكن بعدها ، وهو التنوين ، والقياس فيه غزاة كقضاة ، بوزن فعله بضم ففتح لإعلال اللام { لَّوْ كَانُوا عِندَنَا } لم يسافروا ولم يغزوا { مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا } والموت أعم من القتل ، إذ يكون بلا قتل وبه ، وقدم لأنه يكون فى إقامة وذهاب ، والغزو يكون بالذهاب ، كما ذهب المسلمون من المدينة إلى أحد { لِيَجْعَلَ اللهُ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ } اللام متعلق بقالوا ، وهى لام المآل لا التعليل ، لأنهم قالوا ذلك للتثبيط عن الجهاد ، لا ليكون ذلك حسرة ، ولكن مآله الحسرة ، وهى أشد الندم والإشارة إلى الظن : إذ ظنوا أنهم لو حضروا لكانوا أحياء ، أو إلى النطق والاعتقاد المدلول عليه بالقول ، أو إلى النهى والانتهاء ، والمعنى لا تعتقدوا أيها المسمون ذلك الذى اعتقده الكفار ، ولا تقولوه كما اعتقدوه وقالوه ، ووجه التحسر اعتقاد أن الموت أو القتل بسبب تقصيرهم فى المنع من السفر والغزو ، وأيضاً إذا قالوا ذلك وسمعهم قرابة المقتول تحسر هؤلاء القرابة ، وربما قاله بعض المؤمنين الضعفاء فتسمعهم الأقارب فيتحسرون ، وإذا ألقوا مثل هذه الشبهات على أقوياء المسلمين ولم يلتفتوا إليها ضاع كيدهم فتحصل لهم حسرة ، وأيضاً إذا رأوا يوم القيامة نجاة المجاهدين وفضلهم وكراماتهم على إيمانهم وجهادهم تحسروا ، وأجيز تعلق اللام بلا تكونوا ، أى لا تكونوا مثلهم فى قول ذلك ، ليختصوا بالحسرة ، فتزداد شدة ، بخلاف ما لو قالوا ، ولا ضعف فى ذلك وهذا كقولك ، ولا تعص بتدخل الجنة ، أى اترك العصيان لتدخلها { وَاللهُ يُحْيى } من أراد حياته ولو ضرب فى الأرض أو غزا أو مرض مرضاً لا يرجى معه أو اقتحم الشدائد { وَيُمِيتُ } من أراد موته ، ولو قعد ولم يغز ولم يمرض ولم يقتحم شدة ، وروح كل حى يقبضها الله بالخلق وملك الموت بالمباشرة ، وزعمت المعتزلة أن ملك الموت يقبض أرواح الثقلين فقط ، وبعض أهل البدعة يقولون : يقبض كل حى إلا أرواح البهائم فإن أعوانه يقبضونها ، والحق أن الله يقبض الكل ، الله يتوفى الأنفس ، أى يخلق الموت ، ومعنى يتوفاكم لك الموت يباشره { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيِرٌ } تهديد للذين أمنوا أن يعتقدوا أو يقولوا مثل ما قال الذين كفروا فإن الله جل وعلا بصير بذلك القول واعتقاده وما يترتب عليهما .