Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 155-155)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّ الَّذِينَ تَوَلُّوا مِنكُمْ } انهزموا أو رجعوا إلى المدينة { يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ } النبى صلى الله عليه وسلم ومن معه جمع ، والمشركون جمع يوم أحد { إنَّمَا اسْتَزَلَهُمُ } طلب بالوسوسة منهم الزلل بالانهزام وبترك المركز والحرص على الغنيمة ، وبذكر ذنوب سبقت ، كرهوا أن يلقوا الله بها قبل أداء تبعتها { الشَّيْطَانْ } جنس الشيطان ، إبليس وغيره { بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } من الذنوب ، فإن الذنب يحر ذنبا ، ويعاقب المذنب بالذنب الآخر ، وهذا البعض هو عين الذين زلوا به عن الدين ، وهو الانهزام وترك المركز ، والحرص على الغنيمة ، أو ذنوب سبقت كرهوا الموت قبل التخلص منها أدتهم إلى الانهزام ، وسوس إليهم بها الشيطان ، وما ذكر معه ، والحصر إنما يكون للآخر ، أى ما أزلهما إلا ببعض ما كسبوا ، ويجوز أن يكون للشيطان ، فيكون قوله ببعض ما كسبوا تبعا له ، لا مقصوداً بالذات { وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنهُمْ } لتوبتهم واعتذارهم ، ليس العفو والرحمة للآخرة مع الإصرار حكمة ، فحيث أطلقا قيدا بالتوبة ، لئلا يكون الخروج عن الحكمة ، فإن كان العفو عدم عقاب الدنيا شمل أبيَّا ومن معه { إنَّ اللهَ غَفُورٌ } لذنوب ، التائبين { حَلِيمٌ } لا يعجل بالعقوبة توسعة لهم ليتوبوا ، زيادة فى الإعذار ، مع أنه لا يفوته عذاب المصر ولا موت أحد لأجله ، بل يذهب إلى موضع موته فى غفلته ، أو قصده الهروب عنه ، بقى معه صلى الله عليه وسلم ثلاثون رجلا ، وقيل ثلاثة عشر خمسة من المهاجرين : أبو بكر ، وعمر وعلىّ ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وروى أنه نظر ملك الموت نظرة هائلة إلى رجل فى مجلس سليمان بن داود عليه السلام ، فقال الرجل لسليمان : من هذا الرجل الذى شد نظره إلىَّ ؟ فقال : هو ملك الموت ، فقال : أرسلنى مع الربح إلى عالم آخر ، فألقته فى قطر سحيق ، فما لبث أن عاد ملك الموت إلى سليمان ، فقال : كنت أمرت بقبض ذلك الرجل فى هذه الساعة فى أرض كذا ، ويروى فى أرض الهند ، فلما وجدته فى مجلسك قلت متى يصلها ، وقد أوصلته الريح فوجدته فيها فقضى الله أمره فى زمانه ومكانه ، ويروى أنه تعجب بوجوده عند سليمان وقد أمر بقبضه فى أرض بعيدة ، فقال له : مر الريح تحمله إليها ، ففعل ، ويجمع بأنه سأله الملك لإنقاذ القضاء وسأله الرجل هروباً من الموت غير سامع لسؤال ملك الموت .