Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 167-167)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا } أى ليعلم المؤمنين والمنافقين علم وقوع ، طبق العلم الأزلى ، أو ليتمير للناس ما فى علمه تعالى من إيمان المؤمنين ونفاق المنافقين ، وأعاد يعلم تأكيداً ، ولئلا يقترن الكفار والمؤمنون على نهج واحد { وََقِيلَ } الخ ، عطف على نافقوا ، قال المسلمون لهم حين انصرفوا عن القتال ، وهم ثلاثمائة ، رئيسهم ابن أبى ، وقيل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل ، عبد الله بن عمر بن حرام من بنى سلمة ، وعليه الجمهور ، وتقدم غير ذلك { لَهُمْ تَعَالَوا قَاتِلُوا } بدل اشتمال من تعالوا ، والربط بالمعنى ، وهو كون القتال من لوازم التعالى ، لا بالضمير ، إذ لا يعود الضمير للجملة { فِِى سَبِيلِ اللهِ } الكفرة { أَوِ ادْفَعُوا } ادفعوا الكفرة عن الأنفس والأموال ، وادفعوهم بكثرة سواد المجاهدين فى سبيل الله ، فإن كثرته تكسر همة العدو وتروعه ، أى احضر يحصل بحضوركم قتال العدو ، أو ادفعوهم بكثرتهم عن الأموال والأنفس ، ولو لم تقاتلوا ، أو ادفعوا عن أنفسكم اسم النفاق بالقتال أو الحضور ولو لم تقصدوا وجه الله عز وجل { قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لأَّتَّبَعْنَاكُمْ } هذا مما يقوى كون قيل عطف قصة على أخرى ، لا على صلة الذين ، وإلا قال ، فقالوا بالعطف ، ومعنى ، ولو نعلم قتالا ، لو عرفنا أن ما ذهبتم له هو قتال لاتبعناكم ، ولكن عرفناه إلقاء بالنفس للتهلكة لكثرة عدوكم ولتجربتنا ، أنه كلما خرجنا من المدينة إلى عدونا يغلبنا ، أو لم نعرف كيفيته ولم نجربه ، ولو عرفنا ذلك لاتبعناكم ، والوجهان الأخيران استهزاء وغش ، وذلك أول ما صرحوا به من نفاقهم { هُمْ لِلْكُفْرِ } أى قربهم إلى اعتقاد الشرك ونصرة أهله { يَوْمَئِذٍ } يوم إذ قالوا منصرفين عن أحد ، لو نعلم قتالا لاتبعناكم متعلق بقوله { أَقْرَبُ مِنْهُمْ } أى من قربهم { لِلإيَمَانِ } إلى اعتقاد الإيمان ونصرة أهله ، لأن انصرافهم عن أحد ضعف فى قلوب المؤمنين وقوة قلوب المشركين ، وقيل ظهور هذا منهم هم أقرب إلى الإيمان منهم إلى الكفر بحسب الظاهر ، واللام الأولى متعلقة بالمضاف المقدر ، والثانية متعلقة بمضاف مقدر أيضاً كما رأيت ، وهما بمعنى إلى ، أو بمعنى من ولم يتحد متعلقهما { يَقُولُونَ بِأفْوَاهِهِم } من الإيمان { مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِم } منه ، وذكر الأفواه مع أن القول لا يكون إلا منها تأكيداً أو تصويراً لحقيقة القول بصورة فرده الصادر عن آلته ، التى هى الفم ، كقوله تعالى : { ولا طائر يطير بجناحيه } [ الأنعام : 38 ] ، أو مبالغة بأن القول بجميع الفم ، كقوله تعالى : { يأكلون فى بطونهم } [ البقرة : 174 ، النساء : 10 ] ، وقولهم ، فلان أكل فى بطنه ، أى ملأه ، وإذ قلنا يطلق القول على الاعتقاد أيضا حقيقة فذكره لذلك أيضا ، وإلا فقوله ، ما ليس فى قلوبهم ظاهر فى أن القول بالأفواه ، ولو لم يذكر { وَاللهُ أَعْلَمُ } منكم { بِمَا يَكْتُمُونَ } وصح التفضيل مع أن علم الله غير علم المخلوق اعتباراً لجامع مطلق عدم الجهل ، فإن الله جل وعلا لا يجهل ، والمسلمون لم يجهلوا بعض أحوال المنافقين ، لكن علم الله أعم ، إذ علم أحوال المنافقين كلها ، وعلمها تفصيلا وإجمالا ، والذين يكتمون هو النفاق ، وطعنهم فى الإسلام إذا خلوا .