Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 172-173)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ } الجرح فى أُحد ، أمدح الذين ، او هم الذين ، أو بالذين لم يلحقوا بهم الذين استجابوا ، أو المؤمنين الذين ، او الذين استجابوا لله الخ لمحسنهم المتقين أجر عظيم ، كما قال { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنهُمْ } بالإعمال الصالحة { وَاتَّقُوا } مانهوا عنه { أَجْرٌ عظِيمٌ } ومن لم يكن منهم كذلك فلا أجر له ، وإن فرضنا أن هؤلاء كلهم محسنون متقون فمن للبيان ، وهذا راجح ، أو متعين لقوله عز وجل ، استجابوا ، فذكر الإحسان والاتقاء مدح وتعليل لا قيد ، ولذلك عدل عن مقتضى الظاهر ، وهو أنه يقول لهم أجر عظيم ، وهم من أعظم من يمدح ، إذ خرجوا للقتال مع ما فيهم من جروح جديدة ، تقدم أنه لما ذهب أبو سفيان يوم أحد إلى مكة خرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك من الغد للقتال صبيحة يوم الأحد لست عشرة أو ثمان مضت من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة ، ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يخرج أحد معنا إلا من شهد معنا يومنا بالأمس ، فخرج ستمائة وثلاثون رجلا مؤمنا خالصا إلى أن وصلوا حمراء الأسد ، موضع على ثمانية اميال من المدينة على يسار الذاهب إلى ذى الحليفة ، وبه سميت غزوة حمراء الأسد وأقاموا بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ، ثم رجعوا إلى المدينة يوم الجمعة ، وقد غابوا خمسا ، وأذن صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله بن حرام أن يرجع إلى المدينة ليتم على سبع أخوات له ، أمره أبوه بهن ، وقيل : خرج فى جماعة ، لا فى ستمائة وثلاثين وسبب هذا الخروج ما بلغة أن أبا سفيان لما بلغ الروحاء ذاهبا إلى مكة أراد الرجوع إلى المدينة ليستأصل من بها ولم يرجع لرعب فى قلبه ، واشتد هربهم فلم يدركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما غزوة بدر الصغرى فمن قابل ، إذ واعد أبو سفيان بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشار إليها فى قوله : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ } نعيم بن مسعود الأشجعى ، عام أريد به خاص إطلاقاً للكل وإرادة البعض ، كقوله تعالى : { أم يحسدون الناس } [ النساء : 54 ] ، أى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو للحقيقة ، كما تقول : فلان يشترى النخل ، أو يركب الخيل ولو لم يشتر أويركب إلا واحدة ، أو نعيم ومن وافقه على قوله ، من أهل المدينة ، من المنافقين وضعفاء المؤمنين ، وقيل : الناس ، ركب من عبد قيس ، وأسلم نعيم { إنَّ النَّاسَ } أبا سفيان ومن معه { قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } جموعاً ليقاتلوكم { فَاخْشَوْهُمْ } أى لا تخرجوا إليهم ، فعبر عن عدم الخروج بملزومه وسببه ، وإلا فالخشية ضرورية لا كسبية ، فلا يؤمر بها لتكسب لما كان عام قابل ، خرج أبو سفيان ومن معه في ألفين من قريش حتى نزل بمر الظهران لموعد بدر الصغرى ، فألقى الله فى قلبه الرعب ، وبدا له أن يرجع ، فمر به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة ، فقال : هذا موعدنا لمحمد ، إلا أن العام جدب ، لا شجر يرعى ، ولا لبن يشرب ، فاذهبوا إليه ، فثبطوه ، وقد بدا لى أن أرجع ، فشرط لهم حمل بعير من زبيب إن ثبطوا المسلمين ، أو لقى نعيم بن مسعود معتمراً وقال له ذلك ، وجعل له عشر أبعرة إن ثبطهم ، وضمنها لهم سهيل بن عمرو ، ويكنى أبا يزيد ، وقال لهم أبو سفيان : إن خرج محمد ولم أخرج زاد جرأة علينا فاجهدوا فى تثبيطه ، فجاءوا المدينة فثبطوا أو جاءها فوجدهم يتجهزون للخروج ، فقال لهم : غلبكم أبو سفيان فى العام الماضى ، ولم يفلت منكم إلا شريد ، وإن ذهبتم إليهم الآن لم يفلت منكم أحد ، وما هذا بالرأى ، فأثر ذلك الكلام فى قلوبهم ، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال : " والله لأخرجن إليهم ولو وحدى " ، فخرج فى سبعين راكباً ، والباقون يمشون ، أو يتعاقبون ، والجملة ألف وخمسمائة { فَزَادَهُمْ إيْمَاناً } زادهم الله ، أو القول ، أى قول الركب ، أو قول نعيم ، أو المقول ، أو القائل الجنس ، أو القائل نعيم ، ونصوص القرآن ، أن الإيمان يزداد بنزول شىء آخر ، وحصول معجزة أخرى ، بإعمال الفكر فى الحجة وزيادة الحجة والعمل ، وقابل الزيادة يقبل النقص ، هذا مذهبنا ، والنقص يكون بالكسل وطول العهد وقسوة القلب ، ومن طبع البشر النقص بطوله ، رأى أبو بكر قوة خشوع قوم أسلموا حادثا ، فقال : كذلك كنا ، ثم قست القلوب ، قال ابن عمر : " قلنا يا رسول الله ، الإيمان يزيد وينقص ، فقال صلى الله عليه وسلم : نعم ، يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة ، وينقص حتى يدخل صاحبه النار " { وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ } كافينا ، كقول إبراهيم لجبريل حين ألقى فى النار ، حسبى علم الله بحالى ، وقد قال : ألك إلى ّ حاجة { وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } هو ومن يوكل الله له الأمر ، أى يترك ، قال أبو هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وقعتم فى الأمر العظيم فقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل " ، قال أبو نعيم عن شداد بن أوس عنه صلى الله عليه وسلم ، " حسبى الله ونعم الوكيل ، أمان كل خائف " ، وأخرج ابن أبى الدنيا عن عائشة ، أنه إذا اشتد همه صلى الله عليه وسلم مسح بيده على رأسه ولحيته ، ثم تنفس الصعداء ، وقال : حسبى الله ونعم الوكيل ، ويروى أنه آخر ما قال إبراهيم حين ألقى فى النار .