Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 193-193)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَّبَّنَآ إنْنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً } عظيما كما يفيده التنكير ، أى نداء مناد ، وهو الرسول ، كقوله { ادع إلى سبيل ربك } [ النحل : 125 ] ، وقوله : { وداعياً إلى الله } [ الأحزاب : 46 ] ، ودعاؤه حقيقة ، ومن لم يسمع من النبى فى زمانه أو بعده يصح له أن يقول سمعناه على المجاز ، بوسائط الرواة إليه وشهرت نسبة الدعاء إليه ما لم تشتهر إلى القرآن وقيل القرآن لأنه كالناطق للفهم منه ، وقد سماه صلى الله عليه وسلم ناطقا إذ قال " تركت فيكم ناطقاً وصامتاً " ، وهو مستمر فى الزمان ، قال بعض : @ تُنَادِيكَ أَجْدَاثٌ وَهُنَّ صُمُوتُ وَسُكَّانُهَا تَحْتَ التُّرَابِ سُكُوتُ @@ وقيل مطلق الداعى ، فيشمل الرسول والصحابة وزاده تفخيما بإبهامه ثم تخصيصه بقوله { يُنَادِى لِلإيَمانِ } وجملة المسموع بعد ذكر القائل مفعول ثان عند الفارسى وحال مما يصح الحال منه ، أو نعت لما لا يصح الحال منه عند الجمهور ، وهنا نعت منادياً ، ذكر النداء مطلقاً ، وذكره مقيداً بالإيمان تفخيماً للمنادى ولا منادى اسم من منادى الإيمان ، وبهذا القيد خرج عن التكرير ، فإن النداء يكون للإيمان ولهم ما ، واللام للاستحقاق أو الاختصاص ، وقيل للتعليل ، وقيل بمعنى الباء ، وقيل بمعنى إلى { أنْ ءَامِنُوا بِرَبّكُمْ } بأن آمنوا ، أو تفسير لينادى لا مصدرية على تقدير الباء لأن آمنوا طلب وهو يفوت بالمصدر وتقديره فى المصدر تكلف { فَأَمَنَّا } بربنا { رَبَّنَا } توكيد لقوله ربنا ، أو يقدر تقبل إيماننا ربنا ، قال ابن عباس رب اسم الله الأكبر { فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } كبائرنا بتوفيقك إيانا إلى التوبة منها والتخلص من تبعاتها برد التباعات وأداء الكفارات ، وهو مأخوذ من الذُّنوب ، وهو الدلو الملآن ، فناسب الكبائر وكذا إن قلنا من الذنب بمعنى الذيل ، فهو فيما له عاقبة وتبعته { وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِئَاتِنَا } صغائرنا باجتناب الكبائر والتوبة من الكبائر ، وهى من السوء بمعنى القبح ، وهو دون الكفر أو أعم ، وقيل الذنب ما مضى والسيئة ما يأتى ، وقيل الذنب ما عمل على علم بأنه لا يجوز ، والسيئة ماعمل على جهل ، والقول باطل ، إلا إن أريد به خصوص الآية وفى كل من الغفران والتكفير ستر ، والدرع مغفر ، لأنه سائر للبدن { وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ } حال كوننا عابدين عبادتهم صافين صفوهم ، فنعد منهم ، أو اجعلنا مثلهم ولو لم نصل رتبتهم فى ذلك ، وذلك مع الفاصلة لم يقولوا وتوفنا أبراراً ، والمفرد بر ، كأرباب جمع رب ، وليس المراد طلب الموت فى حينهم حتى يستحضر هنا ، من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، بل طلبوا أن يكونوا حال الموت من الأبرار ، يروى أن الأبرار يروا الآباء ، والأولاد زيادة على أداء الواجبات والسنن ، وأن الأبرار لا يضمرون الشر ولا يؤذون الذر .