Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 28-28)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاّ يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الْكَافرِينَ أَوْلِيآءَ } فى القلب ولا فى الخارج ، لقرابة أو صداقة جاهلية ، أو طمع فى مال أو جاه أو محافظة على مال أو مصاهرة ، أو طلب تزوج أو نحو ذلك ، وخوف أن تكون الدائرة على المؤمنين ، واستعانة بهم فى الغزو ، أو غير ذلك من أمور الدين وجعلهم عمالا ، وذلك مذهبنا ومذهب الشافعية والمالكية والحنابلة ، وقالت الحنفية ونسب للجمهور ، أنه يجوز الاستعانة بهم فى الغزو وسائر أمور الدين بشرط الحاجة ، وأن يؤمن من مكرهم وأن يكونوا أذلاء والمؤمنون أعزة ، لا أن يجعلوا عمالا ، ويعطى لهم قليل من الغنيمة إذا غروا ، ةلا يستعان بهم على البغاة الموحدين ، ولنا أنه جاء عن عائشة ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لبدر ، فتبعه مشرك ذو جرأة ونجدة ، ففرج أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبى : ارجع فلن نستعين بمشرك ، فرجع ، ثم جاء ورده ولم يقبله حتى أسلم " ، وأجاب الحنفية بأن هذا لم يؤمن مكره ، أو بأن هذا الحكم منسوخ باستعانته صلى الله عليه وسلم بيهود بنى قينقاع ، ورضخ لهم ، يعنى قطع لهم من الغنيمة ، واستعان بصفوان بن أمية فى هوازن ، ويناسبه أنا نتخذ الكفار عبيداً وخدما وتنكح الكتابيات { مِن دُونِ الْمُؤْمِنينَ } لا شك أن اتخاذ الكافرين أولياء غير اتخاذ المؤمنين أولياء ، فنهوا عنه ، سواء اتخذوا معهم المؤمنين أولياء أم لا ، وأن تخاذهم أولياء ولو مع المؤمنين إبطال لموالاة المؤمنين ، ولا إشكال ولا حاجة إلى دعوى أن الآية فى قوم والوا الكفار وحدهم ، ومما يزول به الأشكال أيضا ، جعل الظرف نعتاً للأولياء ، وهذا يقيد أن الأحقاء بالموالاة المؤمنون ، وموالاة الكفار نقض لموالاة المؤمنين { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } الاتخاذ ، ولم يقل ، ومن يتخذ منهم أولياء اختصاراً واستهجاناً له { فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِى شَىْءٍ } أى فى شىء من ولاية الله ، أو من دين الله ، أو من أهل الله ، لأنهم أعداء الله ، و لا تتصور موالاة المتعادين فى حال واحدة ، ومن اتخذ عدو الله وليَّا حرم ولاية الله والمؤمنين { إلاّ أَن تَتَّقُوا } عائد إلى لا يتخذ ، أى لا يتخذ فى حال من الأحوال إلا حال أن تتقوا ، أو بتعليل ، أى لا يتخذ لشىء ما إلا لأن تتقوا ، أو إلى فليس الخ ، وهو أولى لقربه ، وأولى من ذلك أن الاستثناء منقطع ، لأن الاتقاء ليس ولاية ، بل مداراة ، اللهم إى تشبيهاً { مِنْهُمْ تُقَاةً } اتقاء أو أمراً يحب اتقاؤه ، تدارونهم وتلاينونهم للخوف منهم باللسان حيث كانوا غالبين مع الإنكار بالقلب من غير أن يحل حراماً أو يحرم حلالا ، أو يدل على عورة ، ومن صبر ولم يتق فهو أولى أجراً ، ولا وجه لإنكار قوم التقية اليوم إذ تقرر الإسلام ، كان بعض المؤمنين يوادون اليهود باطناً كالحجاج بن عمرو وكهمس بن أبى الحقيق ، وقيس بن زيد وغيرهم من اليهود ، لعنهم الله ، أظهروا الحب لهم ليفتنوهم ، فنهاهم رفاعة بن المنذر وعبدالله بن جبير وسعيد بن خيثمة أن يأمنوهم فأبوا ، وكان عبد الله بن أبىّ وأصحابه يوالون المشركين واليهود ويخبرونهم بأخبار المؤمنين راجين الدائرة على المؤمنين ، وكان لعبادة بن الصامت رضى الله عنه حلفاء من اليهود ، فقال يوم الأحزاب ، يا رسول الله إن معى خمسمائة من اليهود ، قد رأيت أن أستظهر بهم على العدو ، فنزل قوله ، لا يتخذ المؤمنون الكافرين . … الآية ، وغلط ابن حجر فى أجازة القيام لأهل الذمة وفى عده ذلك من قوله تعالى : لا ينهاكم الله … الخ ، وأما الآية فى من يراد جلبه للإسلام ، أو كسر شوكته ، وفيما لا يدخلون به فى قلوب الناس شيئاً ، والتاء عن واو ، والأصل وقية ، قلبت الياء لفتح ما قبلها ، بوزن تخمة وتؤدة بضم أولهما وفتح ثانيهما ، وهو اسم مصدر { وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ } أى عقابه ، والنفس تشعر بالتعظيم ، لأنه لو قيل : عقاب الله لاحتمل أن يلى الله العقاب ، أو يجريه على يد مخلوق ، فذكر النفس ليكون بصورة عقاب يليه ، سواء بلا واسطة أو بها ، فهو عقاب عظيم ، واستأثر الله بعلمه ، وأيضاً قولك عقاب يصدر من نفس الله ولو بواسطة أهول من قولك عقاب الله ، وذلك جزاء من خالف أحكام الله ووالى أعداءه ، والنفس الذات ، أجازه قوم مطلقاً فى حق الله تعالى ، وقيل لا إلا لمشاكلة ، نحو تعلم ما فى نفسى … الخ وأجيز عود الهاء للاتخاذ ، وهو ضعيف { وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ } للجزاء أو إلى جزاء الله المصير .