Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 46-47)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومِنْ آياته أن يُرسل الرياحَ } الجنوب من سهيل الى الثريا للامطار والانداء ، والصبا منها الى نبات نعش لالقاح الشجر ، والشمال منها الى النسر الطائر فانها رياح الرحمة والدبور منه ، الى سهل ريح العذاب والبلاء ، واهونه غبار قاصف يقذى العين ، وهى اقلها هبوبا ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " رواه الطبرانى والبيهقى ، فالرياح للرحمة ، والريح للعذاب ، والعرب تقول لا تقلح السحاب الا من رياح مختلفة ، فكأنه صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اجعلها لقاحا للسحاب ، ولا تجعلها عذابا ، والجمع يأتى فى آيات فى الرحمة ، والمفرد فى العذاب كالريح العقيم ، وريحا صرصرا ، والريح الواحدة من جهة تهد ما قابلت من حيوان ونبات ، ويفوت الجانب الاخر حظه من الهواء ، ولكن جاء الافراد فى الخير أيضاً : { وجرين بهم بريح طيبة } [ يونس : 22 ] { ولسليمان الريح } [ الأنبياء : 81 ، سبأ : 12 ] والحديث المذكور نسبه ابن حجر لأبى يعلى ، عن انس مرفوعا ، وقال : صحيح ، واما ما مر عن ابن عباس فضعيف لحسين بن قيس فى سنده ، اذ هو متروك . { مُبشِّرات } بالمطر { وليُذيقُكم من رحْمَته } هى المنافع التابعة للرياح كتذرية الحبوب ، وتجفيف العفونة وسقى الاشجار ، والخصب التابع ، والروح مع هبوبها وغير ذلك ، والواو عاطفة على محذوف ، اى ليبشركم وليذيقكم ، او عطفت محذوفا ، اى ويرسلها ليذيقكم ، وقيل : ويجرى الرياح ليذيقكم وهو بعيد أو عطف على مبشرات بإعتبار معنى العلة فيه على معنى يرسل الرياح ليبشركم ، كقولك : زيد محسنا على قصد معنى اكرم لاحسانه ، وزعم بعض ان الواو زائد ، وليذيق متعلق بيرسل وهو عجز . { ولتَجْري الفلك } فى البحر { بأمره } بقضائه على وجه يتأتى بهبوبه المطلوب ، وهبوبها مواتية امر من الامور التى لا يقدر عليها سواه تعالى { ولتبتَغُوا } تطلبوا الرزق بالسفر فيها من فضله ، { ولعلَّكم تَشْكُرون } انعامه عليكم بذلكم ، وسلاه صلى الله عليه وسلم بالوعد له ، والوعيد على من عصاه ، مع التحذير عن الاخلال بالشكر فى قوله : { ولَقد أرسلنا من قبلك رُسُلاً إلى قَومِهِم } كما ارسلناك الى قومك ، والاضافة للجنس فكأنه قيل الى اقوامهم { فجاءهم بالبينات } جاء كل رسول قومه بالبينات كما جئت قومك بالبينات { فانْتَقَمْنا من الذَّين أجرْمُوا } اى كذبوا ، آمن بعض وكذب بعض ، فانتقمنا من الذين اجرموا ، ورحمنا من آمن بالنصر دينا واخرى كما قال : { وكان حقاً عَلينا نَصْر المُؤمنين } الرسل واتباعهم على المجرمين ، ويجوز ان يكون الذين اجرموا موضوعا موضع المضمر للوصف بالاجرام الموجب للانتقام ، على ان المراد المجموع لا الجميع ، لان فيهم من آمن ، وكأنه قيل فانتقمنا منهم ، وفى قوله : { وكان حقاً } الخ تشريف للمؤمنين اذ كان اللفظ بصورة من له حق على الله حاشاه ، واشعار بان الانتقام من اجلهم ، اذ عبر بالنصر لهم على المجرمين ، لان النصر يتصور بين متقابلين . قال ابو الدرداء : قال رسول الله صلى لله عليه وسلم : " ما امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلاَّ كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا هذه الآية " رواه الطبرانى وغيره ، وقيل : المراد فى الاية النصر فى الدنيا ، والاية تشمل المؤمنين بعد انبيائهم الى يوم القيامة ، ونصر اسم كان كما هو الظاهر ، وكما هو فى حديث ابى الدرداء لا كما قيل ان اسمها ضمير فيها عائد للانتقام ، وعلينا خبر مقدم ، ونصر مبتدا مؤخر ، لانه خلاف الظاهر ، واخر نصر لان الفاصلة تتم بتأخيره على طريق الاعتناء بالحقيقة .