Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 4-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ في بضْع سِنينَ } البضع ما بين الثلاث الى العشر ، او ما بين الواحد الى التسع ، او ما فوق الخمس الى ما دون العشر ، او ما بين العقدين فى جميع الاعداد ، روى ان فارس غزوا الروم فغلبوهم فى اذرعات وبصرى ، وشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، وهم فى مكة ، لان فارس ليسوا اهل كتاب وهم مجوس ، وفرح المشركون وقالوا : نظهر عليكم ولسنا باهل كتاب ، كما ظهر اخواننا على الروم ، فنزلت الاية فقال ابو بكر : لا تفرحوا فوالله ليظهرن الروم على فارس ، اخبرنا نبينا بذلك ، فكذبه ابى بن خلف فقال له ابو بكر رضى لله عنه : انت الكاذب ، تعال اناحبك على عشر قلائص تعطينيها ان غلبت الروم فارس ، واعطيكها ان غلبتهم فارس الى ثلاث سنين ، والنحب : العطاء . وحاصله اراهنك بها ، فاخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع " ، فقيل هكذا البضع ابدأ فقيل بدخول التسع ، وقيل هذا فى الاية واما مطلقا فما بين العقدين فزايده فى الاجل والقلائص ، فجاءه فقال : اندمت يا ابا بكر ؟ قال : لا لكن نزيد فجعل الاجل تسع سنين والقلائص مائة ، ولما اراد الهجرة طلب منه ابى الكفيل ، فكفله ابنه عبدالرحمن ، ولما اراد الخروج للقتال لعنه الله ، طلب منه عبدالرحمن وهو يومئذ في مكة الكفيل ، فاعطاه كفيلا ومات بجرح جرحه النبى صلى الله عليه وسلم ، وظهرت الروم فى السنة السابعة . ويقال يوم الحديبية ، واخرج الترمذى يوم بدر ، وبه قال ابو سعيد الخدرى ، فاخذ الصديق القلائص من ورثة ابى ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " تصدق بها " وعن البراء تصدق بها فانها سحت ، وذلك قبل تحريم القمار ونزول القتال والسبى ، فهى حلال يومئذ قبل النسخ ، الا ترى انه صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن المراهنة ، بل اثبتها وأمره بالمزايدة ، انما امره بالصدق بها تنزيها لمروءة الصديق عنها ، وتسميتها سحتا تشبيه لا حقيقة ، واسلم كثير من الناس لما صدق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك من دلائله . { لله } لا لغيره { الأمرُ } القضاء { من قبلُ ومن بعدُ } اذا قيل من قبل الغلبة اى غلبة الفرس للروم ، ومن بعدها لم يكن فى الاية الا ذكر ذلك ، فالاولى ان المعنى من قبل كون الروم غالبين ، وهذه الغلبة وقت كونهم مغلوبين ، ومن بعد كونهم مغلوبين ، وهذه البعدية وقت كونهم غالبين { ويومئذ } يوم اذ يغلب الروم الفرس ، فإذ هنا للاستقبال ، ويوم متعلق بما بعده ، قدم بطريق الاهتمام بوقت النصر ، ويجوز عطفه على قبل او بعد ، فتتم الازمنة الثلاثة : الماضى بقبل ، والمستقبل ببعد ، والحاضر بيومئذ فيستأنف على هذا قوله : { يفْرحُ المؤمنُون بنصْر الله } الروم اهل كتاب مثلهم على الفرس لا كتاب لهم كأهل مكة ، فيغتاظون ، او نصرة تصديق للمؤمنين فى سيغلبون ، او القاء الفتنة بين الفرس حتى اعان بعضهم الروم كما مر ، كذلك يقال والتحقيق ان المراد نصر الله الروم على فارس ، والنصر متصور بذلك على الاطلاق { ينْصُر من يشاء } هؤلاء وغيرهم ، وتلك الايام نداولها بين الناس { وهُو العَزيزُ } لا يعجز عن الننصر ، ولا يرد نصره شئ { الرَّحيمُ } الرحمة الدنيوية ، والكلام عليها ، ويجوز العموم باعتبار اهل الاخروية ، وهو صفة مبالغة ، واما العزيز فصفة مشبهة لا صفة مبالغة ، لكن فيها رسوخ وثبوت ، كما هو شأن الصفة المشبهة .