Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 11-12)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هذا } ما ذكر من السماوات والارض والماء والنبات { خَلْق الله } مخلوقه { فأروني } عطف انشاء على اخبار ، او اذا علمتم ذلك فأرونى اى اعلمونى لا اظهروا لى ، لان الاظهار ليس قلبيا فلا يتعلق بالاستفهام بعد { ماذا خَلَق الَّذين من دونه } اى الاصنام ، وجمع العقلاء مجاراة على مقتضى عمهم ، او تغليب للعقلاء ممن عبد من دون الله ، كالملائكة وعزير وعيسى ، وماذا اسم واحد مفعول لخلق ، وجملة خلق الذين معلق عنها اروا بالاستفهام ، او ما مبتدأ وذا خبر او بالعكس ، وخلق صلة ذا ، وهو اسم موصول ، والجملة معلق عنها ، واجاز بعض ان ماذا اسم واحد موصول بجملة خلق ، الذين مفعول ثان ، وهو سهو لخروجه عن الصدر ، وهو مفرد لا جملة معلق عنها . { بل الظالمون } مطلقا فيدخل هؤلاء بالاولى ، او هم المراد وضعا للظاهر موضع المضمر ليذمهم باسم الظلم ، ويزجرهم وغيرهم بذكره { في ضلال مُبينٍ لقد آتينا } أعطينا بالهام او بوحى او بتعليم { لقمان الحكمة } لفظ عجمى ، وقيل عربى من لقم ، لان العرب قد تسمى بأسماء وغيرها ، وغيرها قد يسمون باسمائها قصدا اليها ، ولعاد لقمان الاخر ، وهم عرب ، فهو من اللقم فليكن الذى فى السورة كذلك ، وهو لقمان بن باعوراء ابن ناحور بن تارخ ، وهو آزر فهو من اولاد آزر ، وقيل ، ابن اخت ايوب عند وهب ، او ابن خالته ، وبه قال مقاتل . وقال السهيلى : ابن سرون ، عاش الف سنة ، وادرك داود عليه السلام ، واخذ منه العلم ، وكان يفتى ، ولما بعث داود عليه السلام ترك الافتاء فقيل له ، فقال : الا اكتفى اذا كفيت ، وكان قاضيا فى بنى اسرائيل ، وروى انه نودى فى نومه نصف الليل : هل لك يا لقمان ان اجعلك خليفة للحكم بين الناس ؟ فقال : ان خيرنى ربى قبلت العافية ، وان عزم على فسمعا وطاعة ، وانى اعلم ان الله تعالى يسددنى ، فقالت الملائكة : لم امتنعت من الحكم ؟ قال : لان الحاكم يغشاه الظلم من كل مكان ، فيخطأ طريق الجنة ، ومن اختار شرف الدنيا فاته شرفها وشرف الآخرة ، وعجبوا من كلامه ، ونام نومة فأصبح ينطق بالحكمة ، ونودى داود بعده فقبلها فأخطأ مرارا ، وعفا الله تعالى عنه . وقيل : كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ، والاكثر انه كان فى زمان داود عليه السلام ، وليس نبيا خلافا لعكرمة والشعبى ، والاكثرون انه عبد ، والعبد لا يكون نبيا ، فعن ابن عباس : عبد حبشى ، واخرج ابن مردويه ، عن ابى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّه عبد حبشي " وعن جابر بن عبدالله : انه من النوبة ، وعن سعيد بن المسيب : انه من سودان مصر ، قال خالد بن الربيع : كان نجارا بالراء المهلة ، وقال الزجاج : كان نجادا بالدال المهلة ، وهو من يعالج الفرش والوسائد ويخيطهما ، وقيل : خياط ، وهو اعم وبه قال ابن المسيب ، وقيل : عبد لبلخشخاش يرعى الغنم : وعن ابن عباس : كان راعيا ، وقيل : حطابا يتحطب كل يوم حزمة لمولاه . والحكمة : العقل والفهم والاصابة فى القول ، وعن ابن عباس : العقل والفهم والفطنة ، وقيل : معرفة الموجودات ، وفعل الخيرات ، وقيل : توفيق العمل بالعلم ، وقيل : حصول العمل على وفق المعلوم ، وهذا شامل لحكمة الله وحكمة المخلوق ، وقيل : الكلام الذي يتعظ به ، وينقل لذلك ، وقيل : إتقان الشئ علما وعملا ، وقيل : كمال حاصل باستكمال النفس الانسانية ، باقتباس العلوم النظرية ، واكتساب الملكة التامة على الافعال الفاضلة ، على قدر طاقتها ، وقيل : شئ ينور الله عز وجل به القلب ، كما ينور البصر ، فيدرك المبصر ، وقيل : معرفة حقائق الاشياء على ما هى عليه بقدر الطاقة البشرية . ومن حكمة لقمان : من يصحب صاحب السوء لم يسلم ، ومن يدخل مدخل السوء يتهم ، ومن لا يملك لسانه يندم ، وقد روى هذا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ، وهو موافق ، ايضا لقوله تعال : { أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره } [ النساء : 140 ] . { أن أشْكُر لله } ان تفسيرية لقول : { آتينا لقمان الحكمة } واعتقاد وجوب شكر الله ، والامر به حكمة لا مصدرية ، بتقدير لام العلة ، او بجعل المصدر بدلا من الحكمة ، لانه خارج للامر يعلل به الايتاء كما مر تحقيقه ، وحكاية سيبويه كتبت اليه بان قم شاذة ضعيفة لا يخرج عليها القرآن مع انها ايضا تحتمل ان المراد كتبت اليه بهذه الحروف ، او بهذا اللفظ بعد تقدم ما فيه معنى القول ، فهى تفسيرية . { ومَن يَشْكر } له سبحانه { فإنما يشْكُر لنَفْسه } لان شكره يثبت له الموجود ، وينفى عنه عقاب عدم شكره ، ويجلب المفقود والفوز بالجنة { ومَن كَفَر } فما ضر الا نفسه ، او فما منع النفع الا عن نفسه ، او فانما يكفر على نفسه ، واغنى عن هذا الجواب تعليله لقوله : { فإن الله غنيٌ } عن ازالة الضر ، او جلب النفع ، لانه خالق للاضرار والمنافع { حَميدٌ } اى حقيق بان يحمده خلقه ، ولو لم يحمده احد ، او محمود عند الملائكة والمؤمنين من الثقلين ، وعند الاجسام كلها ، ولو لم تحمده قلوب الكفار ، واستعملوا اجسادهم الحامدة فى الكفر ، ولم يذكر الشكر مع انه مذكور ، قيل : بل ذكر الحمد لتضمنه الشكر ، وهو راسه . قال صلى الله عليه وسلم : " الحمد رأس الشكر ، لم يشكر الله تعالى عبد لم يحمده " وإنما قال : { ومن كفر } بصيغة الماضى ، ولم يقل : ومن يكفر اشارة الى قبح الكفر ، وان من شأنه ان لا يقع منه الا ما مضى منه من ابليس ، او قابيل او نحوهما ، وقيل : اشارة الى انه كثير متحقق ، بخلاف الشكر ، وقليل من عبادى الشكور على الفرق بين الحمد والشكر ، او على الشكر ولو تضمنه الحمد لكنه قد يقع بلا شكر .