Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 13-13)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذْ } اذكر اذ او ظرف لآتينا على طريق العطف ، وحذف المعطوف ، اى آتيناه الحكمة اذ { قال لقْمانُ لابْنه } تاران قال الطبرى ، وابن قتيبة ، وقيل : اسمه مثان بثاء مثلثة ، وقيل : انعم بفتح الهمزة والعين ، وقيل : أشكر بفتح الهمزة والكاف ، وقيل : مشكم بفتح الميم والكاف { وهُو يَعظُه } حال من لقمان اولى من ابنه ، والوعظ زجر بتخويف او جلب بذكر الخوف ، او زجر وجلب معا { يا بني } تصغير حب وشفقة { لا تُشْرك بالله } غيره فى عبادة ولا فى شئ ، واختص بالله عز وجل كمن قال : إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم احاط بعلم الله كله ، لا فرق بينهما : الا ان علمه حادث ومظروف وغير ذاتى ، وعلم الله قديم وذاتى ، وليس تعالى ظرفا له ، ومن قال ذلك اشرك ، وكان ابن لقمان مشركا فكان ينهاه عن الشرك حتى اسلم ، وكذا امراته . وزعموا ان لقمان وضع جوابا من خردل ، فكلما وعظه اخرج خردلة حتى نفذ الخردل فقال : يا بنى وعظتك موعظة ، لو وعظتها جبلا لتفطر فتفطر ، ولعل هذا كما قيل لم يزل يعظه ، حتى مات اى مات الابن ، ولعله ابن آخر له غير الذي اسلم ، وقيل ابنه مسلم ونهيه عن الشرك تخذير له ، وقيل الباء للقسم والجواب قوله : { إنَّ الشّرك لَظْلم عَظيمٌ } وما تقدم هو المتبادر ، وعلى كل حال ان هذه الجملة من كلام لقمان تعليل للنهى عن الشرك الموجود او عن الوقوع فيه او قسم منه ، وادعى بعض انها من الله عز وجل ، ومن حكمته ، قوله : يا بنى ان الدنيا بحر عميق ، وقد غرق فيها ناس كثير ، فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى ، وحشوها الايمان ، وشراعها التوكل على الله تعالى ، لعلك تنجو ، ولا أراك ناجيا . وقوله : يل بنى إياك والدين فانه ذل النهار وهم الليل . وقوله : يا بنى ارج الله رجاء لا يجرك الى معصيته تعالى وخف الله تعالى خوفا لا يؤسك من رحمتة تعالى شأنه . وقوله : يا بنى حملت الجندل والحديد ، وكل شئ ثقيل فلم احمل شيئا هو اثقل من جار السوء ، وذقت المرار فلم اذق شيئا هو امر من الفقر . وقوله : يا بنى لا ترسل رسولك جاهلا ، فان لم تجد حكيما فكن رسول نفسك . يا بنى : اياك والكذب فانه شهى كلحم العصفور ، عما قيل بقلى صاحبه . يا بنى احضر الجنازة ، ولا تحضر العرس ، فان الجنائز تذكرك الاخرة ، والعرس يشهيك الدنيا . يا بنى لا تأكل شبعا على شبع ، فان القاءك اياه للكلب خير لك من ان تأكله . يا بنى لا تكن حلوا فتبلع ، ولا مرا فتلفظ . وقوله لابنه : لا يأكل طعامك الا الاشقياء ، وشاور فى امورك العلماء . وقوله : لا خير لك فى ان تتعلم ما لم تعلم ، ولما تعمل بما قد علمت ، فان مثل ذلك مثل رجل احتطب حطبا فحمل حزمة ، وعجز عن حملها ، فضم اليها اخرى . وقول : يا بنى اذا اردت ان تؤاخى رجلا فاغضبه ، فان انصفك فى غضبه ، وإلا فاحذره . وقوله : لتكن كلمتك طيبة ، وليكن وجهك بسطا تكن احب الى الناس ممن يعطيهم العطاء . وقوله : يا بنى انزل نفسك من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك ، ولا بذلك منه . وقوله : يا بنى كن ممن لا ييتغى محمدة الناس ، ولا يكسب ذمهم ، فنفسه منه فى عناء ، والناس منه فى راحة وقوله : يا بنى امتنع مما يخرج من فيك فانك ما سكت سالم ، وإنما ينبغى لك من القول ما ينفعك . ومن حكمته قوله : من له من نفسه واعظ ، كمن له من الله عز وجل حافظ ، ومن انصف الناس من نفسه زاده الله بذلك عزا ، والذل فى طاعة الله تبارك وتعالى اقرب من التعزز بالمعصية . وقوله : ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع . وقوله : من كذب ذهب ماء وجهه ، ومن ساء خلقه كثير غمه ، ونقل الصخور من مواقعها ايسر من افهام من لا يفهم . وشهد داود عليه السلام يسرد الدرع شهرا ، ولما تمت لبسها وقال : نعم لبوس الحرب انت ، فقال : نعم الصمت حكمة صبر عن السؤال عنها حتى نطق داود بانها للقتال . وساله داود كيف اصبحت ؟ فقال : اصبحت بيد غيرى . وامره سيده ان ياتى باطيب ما فى الشاة فاتاه باللسان والقلب ، ثم امره ان ياتى باخبث ما فيها فاتاه بهما وقال : هما اطيب شئ اذا طابا ، واخبث شئ اذا خبثا فاعتقه لذلك . ولا تناقض فى قوله : كن عالما او متعلما ، ولا تكن ثالثا فتهلك ، وقوله : كن عالما او متعلما او مستمعاً ، ولا تكن رابعا فتهلك ، وقوله : كن عالما او متعلما او مستمعا او مجيبا ، ولا تكن خامسا فتهلك ، بل ذلك اجمال معقب بتفصيل ، فان المستمع والمجيب داخلان فى عالم ، والعالم والمتعلم يتصوران بالاستماع ، والمجيب اراد به المجيب بالعلم ، وايضا لا عالم الا بتعلم ، ولا تعلم الا بخطاب معلم ومواجهته ، او بسماع معلم بلا مواجهة ، ولا يتصور مجاوبة شرعية بلا علم . وقال : لا مال كحصة ، ولا نعيم كطيب نفس ، وشر الناس الذي لا يبالى ان يراه الناس مسيئا ، وعن وهب : ان لقمان تكلم باثنى عشر الف باب من الحكمة ادخلها الناس فى كلامهم وقضائهم .