Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 29-29)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ألم تَرَ } يا محمد او يا من يصلح للرؤية مطلقا هو اولى { أنَّ الله يُولج الليل في النهار ويوُلج النهار في الليل } يدخل كلا فى الآخر بالنقص منه ، وزيادة ما نقص منه فى الاخر : ولم يقل يولج احد الملوين فى الآخر ، مع انه انه اقل لفظا لصلوحه بحسب ظاهره ، بان يكون يولج احدهما فى الاخر ، ولا يولج الاخر فيه ، ولم يقل : يولج كلا من الملوين فى الاخر ليصرح فى التفصيل بالدلالة على استقلال كل منهما فى الدلالة على كمال القدرة ، وقدم الليل لتقدم الظلمة ، إذ كان العالم مظلما ، ثم خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم مضيئا ، وخلق الشمس والقمر والنجوم . { وسخَّر الشَّمس والقَمَر } قدمها مع تقديم الليل الذى يكون فيه ضوء القمر على النهار الذي يكون فيه نور الشمس ، لانها كالمبدأ للقمر ، ولأنها اعظم ، وتسخيرها مع عظمها اعظم من تسخير القمر ، وأيضا تأثير الشمس فى العالم من الشجر والنبات وغيرهما اعظم من تأثير القمر فيه ، ولان نور القمر بها : فانه اطلس ، وما قابلها منه استضاء ، وذكر الايلاج بالمضارع لتجدده والتسخير بالماضى ، لانه امر لا تعدد فيه ، وانما التعدد فى اثره ، ومنه الجرى الى اجل مسمى فى قوله تعالى : { كلَ } كل واحد من الشمس والقمر { يَجْري } على استمرار { إلى أجل مسمّى } سماه الله وعينه ، وهو يوم القيامة ، يكفهما الله سبحانه عن الجرى ، ويزيل نورهما فتقوم الساعة عقب ذلك ، وحركتهما هى بواسطة حركة الفلك الاعظم ، وبها حركة سائر الافلاك وكواكبها ، وتسمى ، حركة الكل ، الحركة اليومية ، والحركة السريعة ، والحركة الاولى ، والحركة على خلاف التوالى ، والحركة الشرقية ، وبعض يسميها الحركة الغربية ، وقيل : ما يعم حركته وحركتها الخاصة بهما ، وهى حركتهما بواسطة فلكيهما على التوالى من المغرب الى المشرق ، هى للقمر اسرع منها للشمس ، وقيل : جريهما عبارة عن حركتهما الخاصة بهما . والأجل المسمى لجرى الشمس اخر السنة المسماة بالسنة الشمسية ، وهى زمان مفارقة الشمس ، موضعا ما من فلك البروج الى عودها اليه بحركتها الخاصة ، ولكن جعلوا ابتداءها من حين حلول الشمس رأس الحمل ، وذلك ثلاثمائة وخمسة وستون يوما بليلته وربع يوم كذلك وقال بطليموس : ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وخمس ساعات ، وست أو خمس وخمسون دقيقة ، واثنتا عشرة ثانية ، وعند بعض المتأخرين ثلاثمائة وخمس وستون يوما ، وخمس ساعات ، وست وأربعون دقيقة وأربع وعشرون ثانية . ولجرى القمر آخر الشهر القمرى ، وهو زمان مفارقة القمر ، اى وضع يعرض له من الشمس الى عودة ، وذلك فى السنة الحقيقية ، والشهر الحقيقى ، واما السنة الاصطلاحية فاعتبرها بعض كالروم والاقدمين من الفرس ثلاثمائة وخمسة وستين يوما بليلته ، وربع يوم كذلك ، واخذ الكسر ربعا تاما ، الا ان الروم يجعلون ثلاث سنين ثلاثمائة وخمسة وستين ، ويكسبون فى الرابعة بيوم ، والفرس يكسبون فى مائة وعشرين سنة بشهر ، واما الشهر غير الحقيقى فالمعتبر فيه الهلال ، ويختلف ما بين زمان الهلالين . { وأنَّ الله بما تعْمَلون خَبيرٌ } عطف على ان الله يولج الخ داخل فى حيز الرؤية فمن شاهد الايلاج وما بعده لا يغفل على ان الله احاط علمه بكل شئ .