Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 3-3)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أم يقُولُون افتراهُ } إضراب ابطالى متعلق بقوله : { لا ريب فيه } [ السجدة : 2 ] فانهم اثبتوا الريب فى الكتاب وقالوا : انه ليس من الله ، ونفى الله عز وجل ان يكون اهلاً للريب ، اى لا ريب فى كونه منزلا من رب العالمين { بل هو الحقُّ من ربِّك } عجز البلغاء عن الايتان بسورة منه { لتُنْذر قوماً } يتعلق بمحذوف ، اى انزله لتنذر ، او بما يتعلق به من رب ، وهو استقرار الخبر او الحال ، او بتنزيل على جواز الاخبار عن المصدر قبل تمام معموله للتوسع فى الظروف ، على ان تنزيل مبتدأ باق على المصدرية ، اى لتنذر عقابا على تعدية لاثنين كقوله : وهو الرحمن الرحيم فأنذرتكم نارا ، او يقدر لتنذر بالعقاب والقوم قريش . { ما أتاهم مِن } صلة فى الفاعل { نذيرٍ من قبلك } والجملة نعت قوما ، والنذير الرسول لا مطلق المنذر ، كالعالم ، ولو غير رسول ، لان قريشا لا تخلو من منذر منهم او من غيرهم ، واما الرسول فلا رسول منهم متصديا اليهم قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا متعبدين بشرائع من قبله ، ولم يهتدوا ، وقصروا فى البحث عما تعبدهم الله به ، وعلى ان موسى وعيسى لم يرسلا الى الناس كلهم ، يكونون متعبدين شريعة ابراهيم واسماعيل ، وقد قيل : لم يزالوا عليها الى ان فشت عبادة الاصنام التى احدثها عمرو الخزاعى لعنه الله ، ولم يبق فيهم الا اقل قليل ، فدخلوا فى قوله تعالى : { وإنْ من أمة إلاَّ خلا فيها نذير } [ فاطر : 24 ] اى منهم او من غيرهم ، وانقطع الانذار كما تقرر عنهم ، ان حكم نبوة كل نبى ينقطع الا نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم . قلت : تنقطع ايضا عند قرب الساعة ، حتى لا يوجد من يقول لا اله الا الله ، والذى يظهر انه لا تنقطع دعوة نبى ، بل لا بد من بقاء منذر ولو قليلا فى اهل الفترات ، وقد روى ان زيد بن عمرو بن نفيل من بنى عدى من قريش ، والد سعيد ، اجتمع بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل نبوته وآمن بنبوته قبل مجيئها ، لعلم بها حصل له ، او كان على دين ابراهيم ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات قبل النبوة بخمس سنين ، وقريش تبنى الكعبة ، قالت اسماء بنت ابى بكر : لقد رايت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره الى الكعبة يقول : يا معشر قريش ، والذى نفسى بيده ما اصبح منكم احد على دين ابراهيم غيرى ، وكان يقول : اللهم انى لو أعلم احب الوجوه اليك عبدتك به ، ولكنى لا اعلم ، ثم يسجد على راحلته ، وكان يعيب على قريش ذبحهم لغير الله تعالى ، ولم يأكل مما ذبحوا لغير الله . قال ابنه سعيد : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ان ابى كان كما رأيت وكما بلغت أفأستغفر له ؟ قال : " نعم فإنه يبعث أمة وحده " اى انفراد فى عصره بالايمان ، وليس نبيا كما زعم بعض ، ويشكل على انه يبعث امة وحده بقس بن ساعدة الايادى ، ولعله باعتبار انفراده فى قومه ، أو قال صلى الله عليه وسلم ذلك قبل أن يعلم بقس ، فانه مؤمن بالله ، داع الى دينه ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومات قبل البعثة وعمره ثلاثمائة وثمانون سنة ، وقيل ستمائة والله أعلم بالحقيقة . ولا اشكال اذا اريد بقريش من كان منهم حين بعث الله عليه وسلم ، وقريس هم ولد النضر ، وقيل : ولد قصى : وقيل : ولد فهر ، وقيل : القوم فى الآية العرب قريش غيرهم ، لم يخوا من نذير ولو اسرائيليا ، ولم يتقدم منهم نبى ، وخالد بن سنان العبسى ليس نبيا عند الاكثر ، وما يروى من انه صلى الله عليه وسلم قال لابنته عجوزا " مرحباً بابنة نبي ضيعه قومه " فيه مقال ، وقيل : القوم فى الآية اهل الفترة العرب وغيرهم ، حتى بنوا اسرائيل اى ما أتاهم نذير بعد ضلالهم رسول ، ويجوز كون نذير بمعنى انذار ، ويبعد ان تكون ما واقعة على العقاب مفعولا ثانيا لتنذر ، اى لتنذر قوما عقابا اتاهم من نذير من قبلك ، او لتنذر قوما العقاب الى اتاهم من نذير ، ومن غير زائدة ، بل للابتداء متعلقة بأتى . { لعلْهم يهْتدون } ليهتدوا بانذارك ، او حال كونك راجيا لاهتدائهم .