Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 5-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يدبِّر الأمر } امر الدنيا وشئونها ، اى يتقن الامور ، شبه الاتقان من اول بأحكام الانسان امرا بعد نظر فيه ، لان اصل التدبير النظر فى دابر الامر ، اى عاقبته ليجئ محمودا ، ففى يدبر استعارة تبغية ، او عبر بالسبب وهو النظر فى العاقبة عن المسبب ، وهو الاتقان ، ولو كان الله لا يوصف بذلك السبب ، ولتضمينه معنى الانزال عداه بمن الابتدائية وبالى فى قوله عز وجل : { من السَّماء إلى الأرض } وذلك التنزيل بأسباب ما ينتقل من السماء الى الارض ، ويوصف بالتحيز والانتقال كالملائكة عليهم السلام . { ثمَّ يعْرج } الامر { إليه } يثبت فى علمه تعالى ثبوتا كثبوت ما يعرج ، أى يصعد وذلك الثبوت مرافقة العلم القديم ، وقومنا يثبتون علما تنجيزيا مواقعاً للقديم ، يتعلق بالحوادث وقت حدوثها ، ويكفى ان نقول : علمه ازلى منسحب على الحوادث ، اذ لا يمكن ان نقول : غفل عنها ، ولا ان نقول : لا يعلمها حين وقعت ، او المراد يعرج الى صحف الملائكة ، بان يكتبوه فيها باذنه تعالى ، فيكون فيها كتابته ، او يصعد الملك به الى الله . { فى يَوم كان مقْداره ألف سنةٍ مما تعدُّون } نعت الف او سنة ، وتنازع يدبر ويعرج فى قوله : { في يوم } وأعمل الثانى وأضمر للاول ، اى يدبر فيه اى فى يوم كان الخ ، وقيل المراد العروج فى يوم لا التدبير فى يوم فيتعلق بيعرج ، ولا يقدر ليدبر ، والمراد بالالف المدة الطويلة لا نفس الالف ، وقيل الالف نفسه ، وعلى كل حال خص لانه اقصى المراتب لا مرتبة بعده ، الا ما يتفرع عليه ، وذلك انه يقدم للشئ ما ينبنى عليه من اسباب او كتابة ، او نحو ذلك ، ثم يوحده بعد طول مدة ، فالارادة نوعان : قديمة عمت كل شئ بخصوصه ، وإرادة كالتوجه الى ايجاده ، ولا بأس بذلك ، الا ترى الى قوله تعالى : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه } [ النحل : 40 ] وبين الارض ومحدب السماء خمسمائة عام ، وغلظها خمسمائة عام ، والملك يقطع ذلك فى زمان يسير ، وذلك تمثيل بانه لو فرض الى البشر لدبره فى الف سنة ، ولو عرج به لوصل بألف عام ، ولا فزمان التدبير والعروج يسير . وقيل : المعنى يدبر امر الدنيا باظهاره فى اللوح المحفوظ ، فينزل الملك الموكل به من السماء الى الارض ، ثم يرجع الملك او الامر مع الملك اليه تعالى فى زمان كألف سنة للنزول والعروج ، وأريد به مقدار ما بين الارض ، ومحدودب السماء ذهابا ورجوعا ، فقيل من والى متعلقان بينزل محذوفا ، وقيل : هاء اليه للسماء ، ولانه قد يذكر كقوله تعالى : { السماء منفطر به } [ المزمل : 18 ] وقيل : المعنى يدبر للملائكة امر ألف سنة وهى يوم واحد { وإنَّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون } [ الحج : 47 ] واذا تمت ألقى اليهم مثلها ، وهكذا الى آخر الدنيا ، ويعرج اليه بصحف الملائكة كل يوم من ايامنا كان الى تمام الف ، ولا يضمن على هذا القول يدبر معنى ينزل ، والامر بمعنى الشأن ، ومن والى متعلقان بمحذوف حال من الامر ، والفعلان متنازعان . وقيل : يدبر امر الدنيا من السماء الى الارض الى قيام الساعة ، ثم يرجع اليه ذلك الامر كله ليحكم فيه فى يوم كألف سنة ، وهو يوم القيامة ، ومن والى متعلقان بمحذوف حال من الامر بمعنى الشأن ، وفى يوم متعلق بيعرج فقط ، وأجيز فى هذين القولين تعليق من والى بالامر لتضمنه معنى الفعل والترك ، واعترض ما ذكر من ان يوم القيامة الف سنة بقوله : { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } [ المعارج : 4 ] فلا نقول الف سنة هنا يوم القيامة ، بل نقتصر على غيره اولى من ان تأول خمسين بخمسين موطنا ، كل موطن الف سنة ، او الخمسون بحسب الشدة لا العدة ، كما روى انه يكون على بعض الناس كألف سنة ، وعلى بعض كخمسين الف سنة ، وعلى بعض الناس كألف سنة ، وعلى بعض كخمسين الف سنة ، وعلى بعض كما بين الظهر والعصر ، وعلى بعض كصلاة مكتوبة ، وقيل خمسون الف سنة من الارض الى سدرة المنتهى ، وهى مقام جبريل يسير اليها ذلك العدد فى نحو لحظة . وقيل : المعنى ينزل الوحى مع جبريل عليه السلام فى يوم كان مقداره الف سنة هبوطا وصعودا ، فالامر بمعنى الوحى ، كقوله تعالى : { يلقي الروح من أمره } [ غافر : 15 ] والعروج عبارة عن خبر القبول ، والرد مع عروج جبريل ، والعروج والتدبير فى اليوم ، وهذا العروج الى العرش ، وقيل الامر المأمور به من العبادة ، والعروج صعودها مخلصة بعد مدة طويلة بين مخلص له ، وليس المراد بالالف هذا العدد ، وقيل المعنى يدبر امر الشمس فى طلوعها وغروبها الى ان ترجع الى مطلعها مسيرة الف سنة فى اليوم والليل ، والآية من المتشابه .