Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 19-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أشحةً } جمع شحيح فصيح استعمالا شاذ قياسا ، لان قياس جمع فعيل الوصف المضاف كخليل ، افعلاء مثل اخلاء ، وسمع ايضا اشحاء على القياس حال من واو يأتون ، اى تركوا الاتيان اشحة ، قاله الزجاج ، وفيه ان عامله لا النافية ، والمعنى صحيح ، لكن مقتضى كون صاحب الحال الواو وان يكون عامله يأتى لانه العامل فى الواو ، فيتغير المعنى لان المعنى حينئذ اتيانهم اشحة منتف ، فلعله حال من محذوف مثبت ، اى يأتون اشحة او من أل فى القائافى ، او من ضميره فى قائلين ، وعليه لا يضر الفصل باجزاء الصلة . { عليْكم } اى عنكم بالخير كله كالنفقة والنصرة والغنيمة ، والنفع بأبدانهم ، وكل منفعة لا يحبون للمؤمنين نفعا ما ، وهذا هو المناسب لحالهم من حب الشر للمؤمنين ، وقيل هذا حب خير للمؤمنين من غلبة وبقاء ، لانهم لو كانوا مغلوبين لم يجدوا من يمنع الاحزاب عنهم ، فيقتلون او تؤخذ اموالهم وهو المناسب ، لقوله تعالى : { أشحة على الخير } ولان تعدية الشح بعلى ، انما هو فى حب بقاء الشئ ، وفى الوجه الاول ، وعليه الجمهور فسرتها بعن { فاذا جاء الخَوف } من العدو { رأيتهُم ينْظرُون إليك تَدور أعينهُم } اى احداقها من شدة الخوف ، والجملة حال من واو ينظرون { كالَّذى يغْشَى عليْه مِن المَوتِ } لاجل الموت او بسببه ، اى ينظرون ثابتا كنظر الذى ، او تدرور اعينهم دورانا ثابتا كدوران الذى او حال من اعينهم ، كعين الذى ، او هذا النظر تملق اذا رأوا نجاة المؤمنين ، او امارة النصر ، او رأوهم غالبين لا كما قيل نظر خيانة ، لعلهم يجدون مضربا . { فإذا ذَهَب الخوفُ سلقُوكم بألْسِنةٍ } آذوكم ببسط ألسنتهم فى الذم وما دونه ، كقولهم : اعطونا من الغنيمة فلستم بأحق بها منا ، والطعن فى الدين قيل : أصل السلق بسط العضو الى احد بالقهر ، { حِدادٍ } شداد فى الشر كالسيوف الحديدة ، ويحتمل انه شبه ألسنتهم بالسيوف على الاستعارة المكنية ، بل الاستعارة على تناسى التشبيه ، ورمز اليها بلازمها وهى الحدة ، ولازمها الآخر وهو السلق ، على انه بمعنى الصرب ، فهما اواثباتهما استعارتان تخييليتان ، ويقال ايضا السلق البلاغة فى الخطبة ، وجهر الصوت فهم يفعلون ذلك بالسوء جرأة قال صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من سلق او حلق " اى من رفع صوته جزعا من المصيبة ، او حلق ما لا يحلق . { أشحةً عَلى الخَير } كله كما مر مستبقين له لأنفسهم ، فهم يطلبون من الغنيمة ، ويمسكون اموالهم لا ينفقونها فى سبيل الله ، او على بمعنى عن أبى يبخلون عن الخير ولا ينفعون الاسلام او اهله شئ ، على انه قد يقال لا تختص على فى الشح بالاستبقاء ، ولا بأس بالتكرار تأكيدا ، ولاسيما انه تجدد العامل هنا ، وهو سلق وأشحة حال من فاعله ، وفرق بعض بأن اشحة هنالك فى معاونة المؤمنين ، والنصر والانفاق فى سبيل الله تعالى ، وما هنا فى مال الغنيمة ، وبعض بأن ما هنالك تحبب الى المؤمنين واستبقاء لهم ، وما هنا جرأة عليهم بالسلق اذ ذهب ما يتخوفونه ، وبعض بأن ما هنالك شح منهم عن المؤمنين ، وما هنا شح عن كل احد . { أولئك لم يؤمنوا } من قلوبهم بل ألسنتهم فقط { فأحْبطَ الله أعمالهُم } حين عملوها لشركهم حين عملوا كما دلت عليه الفاء فانها سببية ، والمراد لم يقبلها من اول مرة ، وليس المراد انها صحت ثم أبطلت ، كما يتبادر من الاحباط ، فذلك تشبيه او اطلاق للمفيد على المطلق ، ولكن المراد بطلانها من اول ، قيل المعنى اظهر بطلانها ، والاعمال العبادات المأمور بها ، وان فسر بما علموه نفاقا وتصنعا ، وليس عبادة فى قصدهم ، فاحباطه عدم النفع به فى الدينا ، ولاحظ لهم فى الاخرة ، وقيل : الاعمال عبادة الله ، والاحباط على ظاهره ، وانها نزلت فى مؤمن مخلص شهد بدرا ، ونافق بعد ، ويرد هذا بقوله لم يؤمنوا ، وبصيغة الجمع ، ويجاب بانه لم يؤمن من نافق ، وانه قد يكون معه فى ذلك اثنان او اكثر ، ويبحث بان الاشارة الى عموم المنافقين المذكورين قبل : ويجاب بجواز الاشارة الى العموم لخصوص من فعل ذلك منهم . { وكان ذَلك } الاحباط { عَلى الله يَسيراً } هينا لا يبالى به ، ولا يخاف منه ، اوكان ذلك الشح عن المؤمنين سهلا عند الله عز وجل ، لانه ينصر المؤمنين ويغنيهم بغيرهم ، ولا يكون سبباً لخذلانهم .