Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 33-33)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقرن في بُيُوتكن } اثبتن فيها بمعنى لا تخرجن منها الا لضروة او ما لا بد منه ، وأما فيها فلهن التحرك ، والأصل اقرون بفتح الراء الاولى مضارع قر ، الذى اصله قرر بكسرها ، نقلت فتحة الراء الى القاف . فسقطت همزة الوصل لتحرك ما بعدها ، قال ابن مسعود : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ان المرأة عورة فاذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها ، وهى فى قعر بيتها " رواه الترمذى . وعن أنس : جاءت النساء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد فى سبيل الله تعالى ، فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين فى سبيل الله تعالى ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " من قعدت منكن فى بيتها فانها تدرك المجاهدين فى سبيل الله تعالى " رواه البزار ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " خير الرجال من لا يلقى النساء وخيرهن من لا تلقاهم " وظاهر اضافة البيوت لهن انها املاك لهن ، ويدل له انها اثبتت لهن بعد موته صلى الله عليه وسلم بلا إرث ، والانبياء لا تورث ، وان عمر رضى الله عنه استأذن عائشة ان يدفن فى بيتها فأذنت له ، ولو كان لبيت المال لم يستأذن ولم تأذن له ، ولأنكر الصحابة . { ولا تَبرجْن تبرُّج الجاهلية الأولى } الأصل لا تتبرجن حذفت احدى التاءين ، اى لا تظهرن محاسنكن من تبختر وتحسين المشية ، واللباس الحسن ، وجمع الشعر خلف الرأس متكعباً ، وظهور القرط والقلادة والعنق ، والزينة فى الوجه كالنقط فيه ، وامتداد القامة بقصد ، والمراد مثل تبرج الجاهلية ، والجاهلية نعت لمحذوف تقديره الأزمنة الجاهلية ، او الايام الجاهلية ، والجاهلية نسب الى الجاهلين بحذف علامة الجمع ، او الى الجهلاء بحذف زنة الجمع ، اى الازمنة التى اهلها جهلاء ، اى تبرج الازمنة الجاهلية ، وهى ما بين نوح وادريس عليهما السلام : كل نساء السهل صباحا يتبرحن ، ورجاله قباحا عكس اهل الجبل ، فشهد نساءهم فى عيد رجل من اهل الجبل : فأخبر قومه ، فاختلطوا فظهر الفحش . وعن الحكم بن عيينة : بين آدم ونوح ثمانمائة سنة ، رجالهم حسان ونساؤهم قباح ، وكن يراودنهم ، وذلك الجاهلية الأولى ، وقال الكلبى : ما بين نوح وابراهيم هى الاولى ، فعند من اثبت ما قبل فهذه الثانية ، وكذا ونقول فيما يأتى ، فقد قيل : الاولى زمان نمرود ، تلبس ثوبا رقيقا وتبرز فى الطريق ، وقيل : زمان ابراهيم ، والثانية زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثه ، وقيل : زمن داود وسليمان تلبس ثوبا جانباه مفترقان . وقال المبرد يكون لزوج المرأة نصفها الاسفل ، ولخدنها الاعلى ، وقيل : ما بين موسى وعيسى ، وقيل : ما بين عيسى وسيدنا محمد صلى الله وسلم عليهما ، ويجوز ان تكون الاولى ما قبل الاسلام ، والثانية اهل الفسق فى الاسلام ، وقيل : قوم فى آخر الزمان ، وقيل : قد يذكر الاولى وان لم تكن لها اخرى ، كأنه قيل : الجاهلية المتقدمة ، ولا يلزم من تقدم الشئ وجود مثله بعده . { وأقِمْن الصَّلاة وآتين الزكاة } خصهما بالذكر ترغيبا فيهما ، ولأنهما اساس العبادات البدنية والمالية ، { وأطِعْن الله ورسُوله } فى كل فعل وترك مما يعم الناس ، او النساء ، ولا سيما ما امرتن به ، او نهيتن عنه ، بخصوصكن { إنَّما يُريدُ الله ليذْهب عنْكُم الرجْس أهْل البَيْت ويُطهِّركُم تَطْهيراً } انما اراد الله ذلك لا عكسه ، ولا عبثا ولا اضلالا ، فجدوا ، فان الامر جد ، والرجس السوء من الذنب والشرك والشيطان ، والشك والبخل ، والطمع والهوى والبدعة والعذاب وغير ذلك ، وأل للجنس ، او للاستغراق ، والتطهير التحلية بالتقوى ، او تأكيد للاذهاب ، او الصون البليغ عن المعصية بعد ، واللام للتأكيد ، والمصدر مما بعدها مفعول به ، إنما يريد الله إذهابه الرجس ، وتطهيركم ، او للتعليل ، والمفعول محذوف . إنما يريد الله امركم ونهيكم ليذهب ، او انما يريد الله منكم التوبة ، واهل منادى بحرف محذوف ، لو مفعول به لأعنى او منصوب على الاختصاص ، وأل فى البيت للعهد ، او عوض عن المضاف اليه ، اى بيت النبى صلى الله عليه وسلم ، وهو بيت البناء للسكنى ، لا بيت القرابة والنسب ، ولا المسجد النبوى كما قيل ، فالمراد بأهل البيت نساؤه صلى الله عليه وسلم ، ورضى عنهن ، لان المراد قبل وبعد فى الآيات هن . اخرج ابن ابى حاتم ، ابن عساكر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : نزلت فى نساء النبى صلى الله عليه وسلم خاصة ، قال عكرمة : من شاء باهلته انها فى ازواج النبى صلى الله عليه وسلم ، واخرج الطبرى ، وابن مرديه ، عن عكرمة : ان الآية فى ازواج النبى صلى الله عليه وسلم لا فى قرابته ، الذين تذهبون اليهم ، وكان عكرمة ينادى فى السوق : إن قوله تعالى : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت } إنما نزل فى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم . وكذا اخرج سعد عن عروة ، وأل فى البيت لجنس بيوت النبى صلى الله عليه وسلم ، وهن بيوت ازواجه التى بنى لهن ، ولا بيت له سواهن ، او كأنهن بيت واحد ، باعتبار سكناهن ، وقد جمع فى قوله : { لا تدخلوا بيوت النبي } [ الأحزاب : 53 ] لئلا يتوهم بيت زينب خاصة ، اذ نزل فى شأنه كان الضمير ضمير الذكور نظرا الى لفظ اهل ولتعظيمهن ، او لتغليبه صلى الله عليه وسلم لشمول الاهل له ، وذلك كما قال ابراهيم لسارة : { أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد } [ هود : 73 ] على ان هذا من كلام ابراهيم عليه السلام ، وقال موسى لزوجه : { امكثوا إني آنست ناراً } [ طه : 10 ، القصص : 29 ] وقال الله تعالى : { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } [ الأحزاب : 34 ] كما قال عكرمة ومقاتل . وروى بعض قومنا ، عن ابى سعيد الخدرى وقتادة ومجاهد : انهم على وفاطمة والحسن والحسين ، وانه صلى الله عليه وسلم ادخل فاطمة تحت ثوب من شعر اسود مرحل ، بحاء مهلمة ، اى صور فيه صور الرحال ، او بالجيم اى صور الرجال ، اى بلا رءوس ، او قبل تحريم الصور فى الثياب وغيرها ، فجاء على فأدخله ، فالحسين فأدخله ، فقرأ { إنما يريد الله ليذهب } . وعن أنس : ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله : يذهب تسعة اشهر الى صلاة الفجر ويمر على باب فاطمة ويقرأ { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } وقال زيد بن ارقم : اهل البيت آل على وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس ، واحاديث قومنا فى هذا الشأن كثيرة صارفة الى قرابته فى النسب .