Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 68-69)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ربنَّا آتِهِم ضِعْفين من العَذَاب } عذابين من جملة العذاب ، عذابا لضلالهم ، وعذابا لاضلالهم لنا ، وضعف الشىء اثنان مثله دون أن يضما إليه ، فذلك اثنان لا ثلاثة ، لأن كلا منهما ضعف الآخر أى مطابقه { والعَنْهُم } اذْمُمهم واشتمهم { لَعْنا كبيراً } وكرر النداء بالدعاء زيادة فى المبالغة بالخضوع ، حيث لا ينفع . { يا أيُّها الَّذين آمنُوا } إيمانا ضعيفا ، أو آمنوا بألسنتهم فكانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يكن { لا تكُونُوا كالَّذين آذوْا مُوسَى فَبرأه الله ممَّا قالُوا } أى قالوه ، ومن العجيب أنهم يذكرون جواز جعل ما مصدرية ويأولون المصدرى بالمفعول مع أن ذلك المفعول هو نفس الموصول الاسمى ، فليبق ما على ظاهرها من الموصولية الاسمية ، ويقدر لها رابط ، وإنما يصار الى المصدرية حيث يكون حذف الرابط على خلاف القياس ، نحو : أجبنى ما مررت ، اى ما مررت به . فيعدل الى المصدرية بلا تقدير رابط ، أى مرورك أو نحو ذلك من المواقع . وذلك أنهم آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تزوجه بزينب بنت جحش ، وهو برىء مما يعدونه سوءا فى تزوجه بها ، لأنها كانت زوج ابنه زيد ، وفى زيد ، كما أن موسى عليه السلام أوذى بما لم يكن ، فبرأه الله ، أى أظهر براءته ، وإنما فسرت برأ باظهر براءته ، لأن ما عيب به ليس فيه ثم أزاله الله ، وقيل برأه الله بمعنى قطع ما قالوه عنه ، بأن نفاه فلما نفاه علموا أنه لم يكن قط ، ولا إشكال فى هذا ولا بحث كان حييا يستر بدنه فقال بنو اسرائيل : ما حافظ على الستر إلا لكونه أبرص ، أو لانتفاخ بيضته أو لآفة ، وكانوا يغتسلون عراة ينظر بعض بعضا ، فوضع ثوبه على حجر ليغتسل وحده ، فاغتسل فمر به الحجر فاتبعه يقول ثوبى حجر وهو عريان حتى رأوه سالماً عن البرص والآفات ، فقالوا : والله ما بموسى من بأس فأخذ ثوبه فلبسه ، فطفق يضرب الحجر ، رواه البخارى والترمذى وأحمد ، عن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو هريرة : والله إن بالحجر ندبا ستة أو سبعة من ضرب موسى الحجر ، والندب بفتحتين على الأصح ، وقيل بالسكون أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد شبه أثر الضرب فى الحجر كما مر ، ويروى ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا ، والمعنى دع ثوبى يا حجر ، وأخرج الطبرى والحاكم ، عن ابن عباس ، عن على موقوفا : أنه صعد الجبل مع هارون فمات فقالوا : قتلته حسدا لأنه أشد حبا لنا وألين ، فأمر الله الملائكة فحملوه فمروا به على بنى اسرائيل يقولون : مات بلا قتل فدفنوه وأخفى الله قبره ، ولم يعرفه إلا الرخم ، فأصمها الله وأبكمها كذا يقال . وعن ابن عباس وغيره : أوحى الله الى موسى أنى متوف هارون فأت به جبل كذا ، فانطلقا نحو الجبل ، فاذا هما بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب ، فقال : يا موسى إنى أحب أن أنام على هذا السرير ، قال : نم ، قال : نم معى ، فمات فرفع على السرير الى السماء ، وذهبت الشجرة ، فقالوا : قتله حسداً ، قال كيف أقتل أخى ، ولما أكثروا القول صلى ركعتين ثم دعا الله عز وجل ، فنزل على السرير حتى رأوه فى الهواء فصدقوه . وروى أن قارون أرشى زانية بمال عظيم أن ترميه بنفسها فأخبرتهم ، ويبعد هذا القول بصيغة الجمع ، إلا أن يقال إنه لرضا قارون وأتباعه ، وقيل : رموه بالجنون والسحر ، وقيل المراد قولهم : { اذهب أنت وربك } [ المائدة : 24 ] وقولهم : { لن نصبر على طعام واحد } [ البقرة : 61 ] وقولهم : { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } [ البقرة : 55 ] وغير ذلك مما يتأذى به ، ولا مانع من حمل الآية على ذلك كله . { وكان عنْدَ الله وجيهاً } ذا منزلة ، ورفعة قدر ، وقبول مستجاب الدعاء كليم الله .