Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ النَّبي أولى } احق { بالمؤمنين } من الصحابة ومن بعدهم ومن قبلهم من الامم من الاناث والذكور { من أنفسهم } يطعمونه او يسقونه ويموتون جوعا او عطشا ، ويعدونه بهلاك نفوسهم ، وينصرونه بما يلحقهم به ضر ، وقبل نصر انفسهم لانه يدعوهم الى ما هو حق من الله عز وجل ، وصلاح لهم دنيا واخرى ، وأجسادهم فيها نفوس تأمرهم بالسوء ، وما يهلكهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والاخرة اقرءوا إن شئتم { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم } فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا أو إن ترك دينا أو ضياعا أي عيالاً فليأتي فأنا مولاه " وخص العصبة بالذكر لانه لو ورثه رسول الله صلى الله عليه وسلم لورثه بالتعصب . روى انه صلى الله عليه وسلم امر بالخروج الى تبوك فقال اناس : نستأذن آباءنا وامهاتنا ، فنزلت الآية ، وقد دخل آباءهم وأمهاتهم فى المؤمنين وفى انفسهم ، ولا دليل ولا تبادر على ان المراد بالانفس النبى كما قيل انه المراد ، وان المعنى انه احق بهم اكثر مما هو احق بنفسه { وأزواجُه أمهاتهم } كأمهاتهم فى تحريم النكاح ، وفى استحقاق التعظيم لا فى الخلوة بهن ، والنظر اليهن ، وأرثهن ونحو ذلك ، فهن كالاجنبيات ، فلا يقال لأخواتهن خالات المؤمنين ، ولا لأخوالهن اخوال المؤمنين الاصح . وزعم بعض انه يجوز النظر اليهن بلا شهوة ، ولا يصح ما يروى عن جابر بن زيد انه خلا بعائشة رضى الله عنها ، او لم يخل بها ، وانه سألها حاشاها وحاشاه ، عن كل ما بدا له ، حتى سألها عن كيفية جماع النبى صلى الله عليه وسلم ، كيف يجسر على ذلك ، وكيف ترضى له هذا السؤال ولم تنهره عنه ، وكيف تجيبه مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن ان يصف الرجل او المرأة ما فعل احدهما مع الاخر فى الجماع ، وان قيل : سألها عن جماعه هكذا لا بقيد انه معها فجسارة ايضا حاشاه عنها : مع ان ما تخبر به اما عنها فهو ما تقدم ، واما مع غيرها فانها لا تراه مع غيرها ولا يخبرانها ، وان قيل عن الجماع ما اوصى به فلم يثبت انه اوصى بكيفية . وان اوصى فذلك منه رضى الله عنه جسارة حاشاه عنها ، وقد روى مثل ذلك واعظم عن غير جابر ابن زيد فى كتب قومنا ، وليس منه ان الصحابة اختلفوا ، هل يجب الغسل بالوطء بلا انزال فسألوها ؟ فقالت : فعل ذلك بى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقمنا واغتسلنا معا بلا انزال ، لان هذا امر سهل ، لانه تبليغ شرع ولا بيان كيفية ، فهو واجب . وعل كل حال لم تجبه ببيان ما يفعل معها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووالله ما اجابته ان شاء الله تعالى ، ولو قال لها ما السنة ؟ واخبرته بدون ان تقول فعلته معه لجاز مع كراهة لان بيان ذلك قد يحصل من امراة سألها فتجيبها ، بان السنة كذا ، فتخبر الامرأة جابرا مثلا . وروى ان امراة قالت لها : يا اماه ، فقالت : انا ام الرجال لا النساء ، رواه الطبرانى ، وغيره قلت : لعل مرادها انا ام الرجال فى تحريم تزوجها ، والمرأة لا تتزوج اخرى فهى امهن ايضا فى التعظيم ، ويدل له ما روى عن ام سلمة رضى الله عنها قالت : انا ام الرجال منكم والنساء ، وحكم الاية جار على من طلقها ، وقيل لا كالتى ارادها ، فقالت : اعوذ بالله منك ، ولم تقصد سوءاً ، ولكن غرها احد بان تقول ذلك فطلقها ، وكالتى رأى فى كشحها برصا وطلقها ، وقيل لا تجرى الآية الا على المدخول بها ، تزوج الاشعث تلك المستعيذة ، فهم عمر برجمهما فقالا : انه لم يدخل صلى الله عليه وسلم بها ، وقالت ايضا : ما سميت اما اذ لم يدخل فتركها . واختلف فيمن اختارت نفسها قلت : الظاهر انه لا احترام لها لتركها اياه ، ولو على القول بتحريم تزوجها ، وزعم الشيعة انه صلى الله عليه وسلم امر عليا ان يطلق من شاء منهن بعد موته ، وانه طلق عائشة يوم الجمل ، وذلك كذب عليه صلى الله عليه وسلم ، وعن على : ويجوز نكاح ازواج الانبياء قبله ، وعن مجاهد كل نبى اب لامته لانه سبب الحياة الابدية ، كما قال لوط فى نساء امته : { هؤلاء بناتي } [ هود : 78 ، الحجر : 71 ] فى احد اوجه القراءة : وفى مصحف ابى : { وأزواجه امهاتهم } وهو اب لهم ، وعن عكرمة فى النسخة الاولى : ( وازواجه امهاتهم وهو ابوهم ) ويلزم من الابوة اخوة المؤمنين والمؤمنات . { وأولوا الأرحام } أصحاب الارحام { بعضُهُم أولى ببعْضٍ } فى النفع مطلقا ، وفى الارث على الترتيب ، فالعصبة تقدم وهم من ذوى الارحام ، اى القرابة وبعدهم ذوو الارحام الذين ليسوا عصبة ، كالخالة وبنت البنت { في كتاب الله } بأولى ، او حال من الضمير فى اولى ، وكتاب الله اللوح المحفوظ ، او قضاءه سبحانه ، ومن لم يورث نحو الخال اذا لم يكن فارض او عاصب ، قال : كتاب الله القرآن ، والمراد آيات الارث فى سورة النساء { من المُؤمنين والمهاجرين } بيان لأولى الارحام ، وفيه مجئ الحال من المبتدأ ، ومن تفضيلية متعلقة بأولى ، وهذا أولى ، وكان التوارث بالهجرة والموالاة فى المدينة ، ونسخ بآخر الانفال او بهذه الآية . { إلا أنْ تفَعَلُوا إلى أوليائكم } عدى بالى لتضمن معنى الايصال { معْروفاً } الا فعلكم الى اوليائكم معروفا ، والاستثناء منقطع ، والاولياء القرابة الذين لا يرثون : والمعروف ما يعطون فى الحياة ، وما يوصى اليهم لما بعد الموت ، وما قبل الا فى الارث والذين يرثون ، فيجوز الايصاء لمشرك قريب او اجنبى ، ولمن لم يهاجر ، ولمن تبناه ، فلهم ذلك بالايصاء لا بالارث ، وقيل الاولياء من يلونه بقرابة او صحبة ممن ليس بوارث ، لجواز الوصية للمشرك ، او الاعطاء له فى الحياة ، وذلك لا ينافى النهى عن اتخاذ الكفار اولياء ، وشمل ذلك من ليس بوارث من المؤمنين ، والمهاجرين والانصار . وعن مجاهد : المراد من والى بينهم النبى صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والانصار ، وقيل : المراد اليهود والنصارى ، وقيل : القرابة من المشركين ، واجازت الامامية الوصية للمشرك ان كان أبا او اما او ولدا ، ويجوز ان يكون الاستثناء متصلا ، والمستثنى منه محذوف ، لجواز حذفه ولو فى غير التفريغ نحو : { وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله } [ البقرة : 143 ] الا ان اعتبر فى الكبر معنى الامتناع ، فيكون التفريغ والتقدير اولو الارحام اولى بالارث ، وكل نفع فى الحياة الا فعل الخير بالوصية ، فيختص بغير الوارث . { كان ذلك } ما ذكر من دعائهم الى آبائهم ، وأولوية النبى صلى الله عليه وسلم من انفسهم او ما يستحق من اول السورة الى هنا { في الكتاب } اللوح المحفوظ ، او القضاء او التوراة { مسطورا } مثبتا بالاسطار ، او مكتوبا فى الاسطار ، اى فى مواضع معتبرة بالامتداد والتعدد ، والتتابع يكتب فيها ويناسبها قراءة بعض ، كان ذلك عند الله مكتوبا ان لا يرث المشرك المؤمن .