Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 72-72)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّا عَرضْنا الأمانة } ما يجب فعله وما يجب تركه ، وجاء فى الحديث ، عن زيد بن أسلم ، عنه صلى الله عليه وسلم : " الأمانة ثلاث : الصلاة والصيام والغسل من الجنابة " قلنا : هذا تمثيل لا حصر ، وهذا هو الصحيح ، وقيل : لا إله إلا الله ، لأن الأعمال تتوقف على التوحيد ، ويضعف تفسيرها بالأعضاء ، ومثل لها ابن عمر موقوفا بالفرج ، وشهر هذا عن عمرو بن العاص ، وقال : " أول ما خلق الله من الانسان الفرج وقال : هذه أمانتى عندك فلا تضعها إلا فى حقها " والسمع أيضا أمانة ، وقيل : أمانات الناس ، والوفاء بالعهود ، وقيل : أن لا تغش أحدا ، وإذا حملنا الأقوال على التمثيل عدنا الى ما فسرت به أولا من الواجب فعلا أو تركا . { على السَّماوات والأرض } المراد الأرضون { والجِبَال } أى على أهلهن ، ولما حذف قيل : " أبين ويحملنها وأشفقن " ولم يقل : أبوا ، وأن يحملوها واشفقوا ، وقيل : خلق فيهن العقل وخيرهن فى القبول على الثوب والعقاب ، وقلن تخاف العقاب ، ولا نحتاج الى الثواب كما قال الله عز وجل : { فأبَين } امتنعن منها ، ولولا التخيير لم يمتنعن { أن يحْملنَها } مفعول به ، أى منعهن حملها عن أنفسهن ، أى لم يقبلنه وكرهنه ، أو امتنعن من أن يحلمنها { وأشْفَقْن منها } اشد خوفهن للعقاب على عدم الوفاء ، أو معنى عرضها عليهن ، وابائهن خلقهن على وجه لا يقبل التكليف بها ، لعدم العقل ، وعدم صور ما يتصور من الانسان منهن ، أو المعنى لو عرضناها عليهن لأبين بعقل أو دونه على حد ما مر . { وحَمَلها الإنسانُ } أى خلقناه على وجه تتصور هى منه ، وكذا الجن والملائكة ، إلا أنهم لا تشق عليهم وهى العبادة ، لأنها من جنس ما طبعوا عليه ، ومع ذلك لهم اختيار مدحوا به ، والجن كالانسان ، إلا أنهم لم يذكروا ، لأن الكلام فى الانسان وإيذائه الرسول ، والمراد جنس الانسان ، وحمله لها كونه على وجه يتصور معه أداؤها ، أو نطقه بأدائها يوم يقول : { ألست بربكم } [ الأعراف : 172 ] وكذا أقر آدم ، وقل : الانسان آدم ، خلق الله تعالى صخرة عجزت عنها السماوات والأرض والجبال ، وقد عرضت عليهن ، فحركها آدم وقال : لو شئت لحركتها فحملها الى حقوية ، ثم الى عاتقة ، وأراد وضعها فنودى : كما أنت قد لزمتك وذريتك الى يوم القيامة اى قف كما أنت لا تضعها ، وفيه أن تسمية آدم بما قال الله تعالى : { إنَّه كان ظَلُوما جَهُولا } بعيدة لأنه ولى له لا يسميه بذلك ، ولو كان المعنى أنه ظلوم لنفسه جهول لأمر الله ، أى بعاقبة حملها ، ولو قيل بأن من شأنه ذلك ، لولا أن الله وفقه ، أو قيل : ظلوم جهول فى حساب الملائكة ، ثم علموا غير ذلك ، قيل : ما بين حملها وخروجه من الجنة بالزلة إلا قدر ما بين الظهر والعصر ، ويقال : قال : أحملها إجلالا لك ، فقال : وجلالى لأعيننك ، والصحيح أن الانسان الجنس ، والمبالغة فى الظلم والجهل باعتبار غالب الأفراد ، وكذا تظنهم الملائكة يوم { أتجعل فيها من يفسد فيها } [ البقرة : 30 ] .