Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 1-1)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الحمدُ لله الَّذي لَه ما في السَّماوات وما في الأرض } من أجزاء أنفسهما ، ومنافع أجزائهما ، وما فيهما من غيرهما ، وما فى هوائهما إيجاداً وإعداماً ، وملكاً وتصرفاً والموصول كالمشتق تؤذن صلته بالعلية ، فكون ذلك له ولا سيما مع اشتماله على المنافع موجب ، لأن نحمده فى الدنيا ، وموجب لحقيقة الحمد التى لا تتناهى أفرادها ، وإن شئت فطاعات المطيعين داخلة فى ذلك ، فهو بالذات كما يأتى قريبا أهل للعبادة . { ولهُ الحمْدُ في الآخرة } أيضاً على نعمها ، على رضا الله عنهم ، وتوفيقهم إليها ، فهم فيها يلهمون التسبيح ، كالنفس بلا تكليف كما ألهمه الملائكة فى كل زمان ، لأنه لا تكليف فى الآخرة ، أو ذكر الحمد ، فى الآخرة ، وحذف أن له ما فيها ، وذكر أن له ما فى السماوات وما فى الأرض ، ولم يذكر أن الحمد له فى الدنيا ، فذكر فى كل واحد ما حذف من الأخرى ، أو قل : حذف فى كل واحدة ما ذكر فى الأخرى ، وذلك احتباك ، وأصله الحمد لله إلخ فى الدنيا ، وله ما فى الآخرة ، والحمد فيها إلا أن تعليل الحمد بأن له ما فى السماوات إلخ كانص فى ذكر أن الحمد فى الدنيا ، قيل : لا مانع من أنه أطلق الحمد أولا ، ولم يقيده بزمان ليعم الحمد فى الدنيا عل نعم الآخرة ، وفيه أن ذكر الدنيا لا يوجب أن الحمد فيها على نعمها فقط ، بل قابل للحمد فيها على نعم الآخرة ، وعلى ما يوصل إليها . ويجوز أن يكون المعنى : هو المحمود على نعم الدنيا ، كما هو المحمود على نعم الآخرة ، وقدم له للحصر لأن نعم الدنيا قد تكون بواسطة من يستحق الحمد لأجلها ، بخلاف إعطاء نعم الآخرة وإحضارها فى يد أهلها ، أى لا حمد الإله فى الآخرة ، لأنه لا محضر للنعم فيها لأهلها إلا هو بلا واسطة ، أو بواسطة الملائكة ، وإن اعتبرت أسبابها ، وأنها تكون بواسطة مرشدك إلى ما هو عبادة ، فالتقديم للاعتناء بنعم الآخرة ، وشأن الآخرة ، وهكذا قل لا ما تجده مخالفا له من أن اللام تفيد الحصر ، والتقديم مؤكد لهذا الحصر . { وهُو الحَكِيم } الذى أتقن الدارين بحيث إنه لا نقص بما لم يفعل ولا زيادة على ما فعل { الخَبيرُ } بدقائق الأشياء كظواهرها ، فهو محمود بالصفات ، كما هو محمود بالأفعال كإنعامه كما مر قريباً ، لأن الحكمة ، والخبرة ذاتيتان .