Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 3-3)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقال الَّذين كفروا لا تأتينا } معشر الخلق { السَّاعة } يوم القيامة ، وأردوا بنفى إيتانها نفى أن توجد بعد ، وعدم الوجود موجب لعدم الاتيان ، ففى ذلك تعبير بالمسبب واللازم ، عن السبب والملزوم ، واختاروا هذا مقابلة لقول من قال تأتى ، وقيل : استبطاء لاتيانها على طريق الهزء ، وهو ضعيف لأنه لم يقل : ألا تأتينا الآن بالاستفهام كما فى { متى هذا الوعد } [ يونس : 48 ] ويجوز توجيهه بأنه كما يرجو الانسان شيئا ، ويقول على طريق الضجر لا يأتى ، وهم بهذه الصورة على طريق الهزء والعطف عطف قصة على أخرى . { قُل } لهم رداً عليهم { بلى } أى ليست لا تأتى ، وأكد هذا بقوله : { وربِّي لتأتينَّكُم } ذكر الرب بالاضافة للاشارة الى الانتصار بمن هو ربه تعالى ينصره على من خالفه فى قوله : لا ، للاشارة الى أن إتيانها من شأن الربوبية ، والقسم بمربيه تشديد للقسم { عالم الغَيْب } هو عالم الغيب ، أو مبتدأ خبره قوله : { لا يعْزب عنْه مثْقال ذرَّة في السَّماوات ولا في الأرض } وذكر علم الغيب تأكيدا لقوله : { يعلم ما يلج } [ سبأ : 2 ] إلخ وأجزاء الميت المتفرقة لا تخفى ، فكيف لا يقدر على بعثه مع قدرته على الخلق من العدم ، والقرآن والأحاديث كالنصوص فى رد ما فنى البتة حتى كان لا وجود له فنقلدهما فى ذلك والمفهوم رد الموجود ، وقد صرح الحديث والآثار برد الشعور والجلود وغيرها من الأجزاء من أول خلقة الانسان الى موته ، حتى قيل : ترد الأعراض والأزمنة مع الأجسام أيضا . وفى ذكر عالم الغيب مناسبة لكون إتيانها من الغيب الذى اختص الله به عز وجل ، وهم عالمون أنه صلى الله عليه سولم صادق فى الجملة ، متنزه عن الكذب ، وانما كذبوه عنادا وتكبرا عن أن تبعوه ، وأمره الله عزوجل باليمين مجاراة على ظاهر إنكارهم ، وإلا فالمناسب إذ علموا ذلك أن لا يقسم لهم ، لكن أقسم لأنهم لم يجزموا فى نفس البعث بأنه صادق فيه ، والمناسب للمنكر أن يجاب بالقسم ونحوه من التأكيد إلا لغرض آخر ، مثل أن تيأس منه فترد كلامه بلا تأكيد كأنك تقول هذا ثابت لا يحتاج الى تأكيد صدقت أو كذبت ، ولا يعزب لا يبعد ، ومن شأن البعيد أن يغيب ، فالمعنى لا يغيب عن علمه مثقال ذرة ، وهو ما يوازن الدقيقة الواحدة التى ترى فى الشمس من كوة ، أو نملة صغيرة فى الثقل ، وقوله : { في السماوات ولا في الأرض } نعت لذرة ، والمراد بالأرض فى هذه المواضع ونحوها الأرضون ، ولو لم أنبه عليه فى كل موضع ما لم يدل دليل على هذه الأرض . { ولا أصْغَر من ذلك } المثقال { ولا أكبر } منه ، وأكبرية الذرة نسبية ، فان الذرة مثلا أكبر مما على عشرها أو أقل أو أكثر ، وأصغر مبتدأ خبره فى قوله : { إلا في كتاب مُبِين } اللوح المحفوظ ، أو الضبط ، وكونهما فى اللوح المحفوظ موجب لكونهما معلومين لله تعالى ، ويدل لذلك قراءة أخرى لنافع بفتح الراءين ، على أن لا عاملة إن وخبرها فى كتاب ، ويجوز عطف أكبر وأصغر على مثقال بالرفع ، وعطفهما مع فتح الراءين على ذرة ، وعلى هذين الوجهين فى يكون الاستثناء منقطعاً ، والتقدير : لكن ما ذكر ثابت فى اللوح المحفوظ .