Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 44-45)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما آتيناهم } هؤلاء الكفار ، أو أهل مكة { من كُتُب يدْرُسُونها } مشتملة على اباحة الشرك ، وبطلان ما جئت به ، يحتجون بها كقوله تعالى : { أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا به يشركون } [ الروم : 35 ] وقوله تعالى : { آتيناهم كتاباً فهم به مستمسكون } [ الزخرف : 21 ] وجمع الكتاب لأن ما يقولون لو كان يصح لاحتاج الى أدلة كثيرة { وما أرْسَلنا إليْهم قَبْلك من نَذيرٍ } يدعوهم الى الاشراك ، وتوعدهم بالعقاب على التوحيد ، وذلك تهكم بهم ، أو هم أمين لم يكونوا على دين قبلك من الله يتمسكون به ، ويأبون تركه كما فعلت اليهود والنصارى للتوراة والانجيل ، بل التوراة والانجيل آمران باتباعه صلى الله عليه وسلم . { وكذَّب الَّذين من قَبْلِهم } إلخ تهديد بأن يعذبوا كما عذبت الأمم الكافرة قبلهم { وما بَلغُوا } هؤلاء الكفار ، أو أهل مكة { مِعْشار } أى عشر ، وقيل عشر العشر جزء من مائة ، أو ذلك تمثيل للقلة { ما آتيناهم } أى آتينا المكذبين قبلهم من طول الأعمار ، وقوة الأجسام ، وكثرة الأموال { فكذَّبوا } أى هؤلاء المكذبين { رُسُلي } الأنبياء الذين أرسلت اليهم ، ولا يتكرر هذا التكذيب مع التكذيب المذكور قبله ، لأن الأول بمنزلة اللازم ، كأنه قيل من شأن من قبلهم التكذيب أرسلنا اليهم رسلنا فكذبوهم ، فالثانى بيان للأول معطوف عليه { فكَيْف كان نكير } إهلاكى ، سمى إهلاكهم باسم الكلام الواعظ الزاجر المضمن عقابا على مخالفته ، وذلك مجاز لعلاقة اللزوم ، أو بدلنا التبليغ إذ لم يأخذوا به بالاهلاك ، أو واو كذبوا لأهل مكة ، أو هؤلاء الكفار غير الماضين ، أى كذبوا الرسل كلهم بتكذيبهم أفضل الأنبياء وخاتمهم ، فقد زادوا فى التكذيب على من هو أقوى منهم . ويجوز عودوا وبلغوا للذين من قبلهم ، وهاء آتيناهم لأهل مكة ، فما آتيناهم هو البينات ، أى زاد أهل مكة أو الكفار على من قبلهم فى الكفر ، مع أنا آتيناهم من البينات ما لم نؤت من قبلهم وهذا زيادة ذم ، أى ينبغى أن لا يكذوبوا كما كذب من قبلهم ، لأن لهم بينات زائدة ، وبعض الشر أهون من بعض ، وقيل : الضميران للذين من قبلهم ، أى كذب الماضون وما بلغوا شكر ما آتيناهم ، وفيه أنه لا يلائم التهديد ، لأنهم لم يؤتوا من النعم ، ما أوتى الماضون ، وأنه خلاف الظاهر ، إذ لا يتبادر ما قدر من مراعاة الشكر .