Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 12-12)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّا نَحن } لا غيرنا ، أكد الاحياء بالجملة الاسمية ، وضمير غير المفرد فى مواضع ، وذكر نحن ولا تخفى التقوية بذلك لما قالوا : { وما نحن بمبعوثين } قال الله جلا وعلا : " أنا الكفيل بالبعث فتشاهدونه " { نُحْيي الموْتى } من كفر ومن اتبع الذكر كلهم للجزاء { ونكتبُ ما قَدَّموا } من حسنات وسيئات كالخطا الى المساجد والى صلاة الجمعة { وآثارهم } كالصدقة الجارية ، والعلم الذى علمه غيره ، والتأليف وتأسيس الحق كنفى الرؤية ، وكتأسيس قوانين المعصية كإثبات الرؤية وكون صفاته تعالى غيره ، وقوانين الظلم ، قال صلى الله عليه وسلم : " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا " ثم تلا الآية فالحديث تفسير للآية بالمعصية والطاعة المستمرين بعد موت صاحبهما . وكان بنو سلمة وغيرهم من الأنصار بناحية من المدينة بعيدة من المسجد النبوى ، وكان حول المسجد فراغ فأرادوا القرب منه ، فأنزل الله عز وجل : { ونكتب ما قدموا } الآية فدعاهم فقال : تكتب آثاركم وقرأ اية فتركوا القرب ، وكان صلى الله عليه وسلم كارها لخلاء نواحى المدينة فقال : " يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم " ؟ فقالوا : يا رسول الله محتسب ولا يسرنا التحول ، والمراد بقوله : تكتب آثاركم الأخذ من قوله : { ونكتب ما قدموا } لا تفسير الآثار فى الآية بخطواتهم ، فإنه قد فسرها بما يستمر ، فلا يغرنك موافقة لفظ الآثار ، وهب أنها مرادة ، فليست بخصوصها ، بل بحيث إنه يقتدى بهم فى ترك القرب ، وفى المجىء من بعيد . وفى الحديث : " أعظم الناس أجرا فى الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى ، والذى ينتظر الصلاة مع الإمام أعظم أجراً من الذى يصلى ثم ينام " وقيل ما قدموا من النيات وآثارهم سائر الأعمال ، وهو مخالف لتفسير الحديث ، مع أن النية لا يطلع عليها الملك ، فلعل الله يكتبها بقدرته ، ومن ذلك ما ورد من أن الله جل وعلا يخرج للإنسان كتاباً فيه حسنات بالنية ، ويقول : لم يطلع عليها غيرى ، وفسر بعضهم الكتابة بالحفظ ، وبعض بالجزاء . { وكُل شَيء } مما يرجع إلى الدين أو غيره { أحْصَيناه } حفظناه ، وأصل الإحصاء العد ، عبر به لأن العد لأجل الحفظ ، ويقال أصله العد بالحصى { في إمامٍ مُبينٍ } اللوح المحفوظ ، لأنه إمام يعمل به ، ولا يخالف ، والمراد غير أحوال أهل الجنة وأهل النار ، لأنها لا تنحصر إلا أن خلق الله عز وجل ذلك للوح بقدرته يفى بذلك كذا قيل ، وفيه أن ذلك من خصوصيات الله عز وجل ، وما كذلك لا يخلقه الله تعالى لغيره وذلك محال ، ولو جاز ذلك لجاز أن يخلق الألوهية لأحد ، كما أن معلومات الله لا تنقضى ، ومنها أحوال أهلها ، ومع ذلك هى محصورة عند الله ، ومعنى مبين : مظهر ملا كان وما يكون ، وقد يقال : اللوح المحفوظ مشتمل على الكل مطلقا شيئا فشيئا ، مثل أن يكتب ما فى ألف سنة ثم ما فى ألف بعدها ، وهكذا أو بتخالف العدد ، ولا نجزم بأن اللوح زمردة خضراء من وجه وياقوتة حمراء من آخر ، وقيل : اللوح المحفوظ علم الله .