Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 39-39)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والقَمَر قدَّرناه منازل } أى صيرنا محل سيرة بتقدير مضافين ، ومنازل مفعول به ثان لقدر بمعنى صير ، أو يقدر مضاف قبل منازل أى قدرناه ذا منازل ، ويجوز أن يكون متعديا لواحد هو منازل ، والهاء على تقدير اللام ، أى قدرنا له ، وقيل هو الهاء على حذف مضاف ، ومنازل ظرف أى قدرنا سيره فى منازل ، أو قدرنا نوره فى منازل ، فيزيد مقدار النور فى كل يوم ، ثم ينقص كذلك ، لأن نوره من نور الشمس ، بدليل اختلاف تشكلاته بالقرب والبعد منها ، وخسوف بحلولية الأرض بينهما اذا حاد مجراه ، ولا ينبغى أن يختف فى ذلك . ومنازله ثمانية وعشرون ، والمنزل عبارة عما يقطعه القمر فى يوم وليلة ، وذلك أنه يختفى ليلتين من أخر الشهر ، أو أقل أو أكثر لمزيد قربه من الشمس ، ولا يختفى أكثر من ثلاث ليال : ليلة قدامها ، وليلة تحتها تقريبا ، وليلة خلفها وذلك تقريب فأسقطوا يومين وذلك عند العرب وسكان البدو ، وذلك ليضبطوا أحوال الرعى والانتقال الى المراعى وسائر مصالحهم ، ويبقى ثمانية وعشرون ، وقسموا دور الفلك عليه فكان كل قسم اثنتى عشرة درجة ، واحدى وخمسين دقيقة تقريبا ، وهو أسباع درجة ، ونصيب كل برج منه منزلتان وثلث ، والمنازل عند أهل هند سبعة وعشرون ، لأن القمر يقطع فلك البروج فى سبعة وعشرين يوما وثلث يوم ، فحذفوا الثلث لأنه أقل من النصف . والشمس تستر دائما ثلاث منازل ما هى فيه بشعاعها ، وما قبلها بضياء الفجر ، وما بعدها بضياء الشمس ، ورصدوا ظهور المستتر بضياء الفجر ، ثم شعاعها ، ثم بضياء الشفق ، فوجدوا الزمان بين كل ظهورى منزلتين ثلاثة عشر يوما تقريبا ، فأيام جميع المنازل تكون ثلاثمائة وأربعة وستين ، لكن الشمس تقطعها فى ثلاثمائة وخمسة وستين ، وزادوا ذلك اليوم فى القفر اصطلاحا ، أو لشرفه ، وقد يحتاج إلى زيادة يومين ليكون انقضاء الثمانية والعشرين مع انقضاء السنة ، ويرجع الأمر الى النجم الأول ، وليس القمر أو الشمس يحادى المنزل ، ولا بد فإنه قد كون قبله بقليل أو بعده ، وإنما أرادوا الضبط ، وليس كل منزل نجما واحدا ، بل بعضها نجم ، وبعضها اثنان ، وبعضها ثلاثة ، وأكثر فالثريا ستة أنجم ، وقيل خمسة ، وقد قيل بالآلة أكثر من ثلاثين نجما فيها ، وبعض المنازل غير نجم ، وهو البلدة فإنها قطعة من السماء لا نجم فيها مستديرة . ولا يخفى أن الشهر ثلاثون أو تسعة وعشرون بحسب الرؤية ، والشرع جاء على هذا لا غير ، وأما أهل الميقات فقالوا الشهر الأول ثلاثون ، والثانى تسعة وعشرون ، والثالث ثلاثون ، وهكذا فالشهر الأخير تسعة وعشرون ، وأيام السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً بسيطة ، وثلاثمائة وخمسة وخمسون كبيسة ، والشهر الأخير منها ثلاثون ، ويسمى هذا الحساب الحساب الوسطى ، والشمس والقمر يجتمعان فى آخر كل شهر عربى فى منزل واحد ، ودرجة واحدة ، وهو يوم ثمانية وعشرين إن كان سير الشمس بطيئا أو يوم تسعة وعشرين إن كان سريعا ، ثم إن كان البعد بينهما اثنتى عشرة درجة أو أكثر رؤى الهلال ، وإن كان أقل لم ير مثل أن يجتمعا فى درجة واحدة ، نهار ثمانية وعشرين ، أو تسعة وعشرين عند غروب الشمس . والقمر سريع السير ، فعند غروب ليلة الثلاثين يكون القمر قد سار فى اليوم والليلة ثلاث عشرة درجة ، فالبعد أكثر من اثنتى عشرة درجة فيرى الهلال ، ويكون الشهر ناقيا ، وإن اجتمعا نهار تسعة وعشرين أو ليلة ثلاثين عند الغروب بعد مضى نهار تسعة وعشرين فعند الغروب يكون القمر قد سار فى اليوم والليلة منزلة واحدة ، والبعد بينه وبين الشمس أكثر من اثنتى عشرة درجة ، فيرى الهلال ، ويكون الشهر تاما . والحاصل أنه متى كان القمر فى برج الحمل ، أو الحوت خلف الشمس وبينهما إحدى عشرة درجة رؤى الهلال ، وإن كان فى برج الجوزاء أو الجدى وبينهما اثنتا عشرة درجة رؤى ، وإن كان فى برج السرطان أو القوس ، وبينهما خمس عشرة درجة رؤى ، وإن كان فى برج الثور أو الدلو ، وبينهما خمس عشرة درجة رؤى ، وإن كان فى برج الأسد أو العقرب ، وبينهما خمس عشرة درجة رؤى ، وإن كان فى برج الجوزاء أو الجدى وبينهما خمس عشرة درجة رؤى ، وإن كان فى برج السنبلة ، أو وكان بينهما ثلاث عشرة درجة رؤى ، وإن كان أقل من هذه الدرج لم يرو لم يظهر إلا بالحساب الدقيق . { حتَّى عادَ } صار فى أواخر سيره لقربه من الشمس فى رأى العين { كالعُرجُون } هو العود الذى بين الشمراخ والنخلة من العرج ، وهو العوج ، والنور زائدة كالوَاوِ بوزن فعلون لا ما قيل من أنها أصل بوزن فعلول ، شبه به القمر آخر الشهر إذا تقوس صورة لا تحقيقا بخلو باقيه من النور ، ووجه الشبه ذلك العوج أو مع اللون ، وظاهر الآية أنه قمر فى ليالى الشهركلها كما هو العرف العام ، ولا سيما إذا ذكر مع الشمس ، والمشهور عند اللغويين أنه بعد الاجتماع مع الشمس ومفارقته إياها لا يسمى قمرا إلا من ثلاث ليال وست وعشرين ، وفيما عدا ذلك يسمى هلالا { القَدِيم } الذى مر عليه زمان حتى يبس واصفرَ واعوج ، وقيل : مر عليه حول ، ومن قال : كل عبد لى قديم فهو حر عتق من له حول عنده أو أكثر ، وقيل : ستة أشهر .