Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 40-40)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لا الشَّمْس ينْبَغي لها أن تُدْرك القَمر ولا الليل سَابقُ النَّهار } إخبار عن شيئين جمعهما بأنهما بعد هذا الاجتماع لا يفعل أحدهما بالآخر ما ينقض هذا الاجتماع ، كما يتغاير زيد وعمرو ثم يصطلحان ، فلا زيد يأكل مال عمرو ، ولا عمرو يضربه ، وهكذا حكمة دخول حرف النفى على الشمس والليل ، إذ التفاعل بينهما خلق الله الشمس والقمر على أبلغ حكمة ، فلا الشمس بعد تدرك القمر بإبطاله ، فتبقى طول الليل لا تغيب ، ولا يظهر له ضوء ، أو تسرع الطلوع عقب غروبها كذلك ، ولا الليل يسبق النهار ، بأن لا تطلع الشمس فيبقى الليل للقمر ، لا يغيب أو يغيب فيسرع الطلوع ، وذلك فى معنى ، ولا القمر سابق الشمس ، إلا أنه لم يقل هذا والله أعلم ، ليؤذن بالتعاقب بين الليل والنهار ، وبنصوصية التدبير عن المعاقبة ، فإنه مستفاد من الحركة اليومية التى مدار تصرف كل منهما عليها . وعبر بالإدراك فى شأن الشمس ، وبالسبق فى شأن الليل وقمره لبطء سيرها ، وسرعة سيره ، ولأنها أقوى فهى مظنة معالجة الضعف لتهلكه ، والضعيف لا يقاوم القوى ، بل يفر وينجو بالهروب ، وفى الآية إيذان بأنهما لا قدرة لهما على ذلك المنفى ، بل الله لو شاء لفعله كما تقول : ما عمرو سعى فى حاجتك ، تريد بل غيره ، وعبارة بعض لا قدرة للشمس على أن تدرك القمر فى سيره لبطئها وسرعته ، وعبارة بعض أن القمر مع سرعته لا يسبق الشمس بالحركة اليومية ، وقيل لا تدرك الشمس منافع القمر كالتلوين ، ولا يدركها فى منافعها كالإنضاج ، وقال الحسن : لا يجتمعان أول الشهر ، بل تغيب ثم يظهر ، وقال يحيى ابن سلام : لا تدركه ليلة أربعة عشر ، بل تغيب قبل طلوعه ، وهو كالمبادر لها ، فهو بدر ويقال : إذا اجتمعا فى فلك قامت الساعة ، وأصل ينبغى مطاوعة بغى بمعنى طلب ، والمراد لا يليق فى الحكمة أن تدرك القمر لا ما قيل من اختيار أن المعنى لا يتسخر ولا يتسهل أن تدركه . { وكلُّ في فلكٍ يسْبَحون } أى كلهم لمعنى الشمس والقمر ، كما قال : { يسبحون } بصيغة الذكور العقلاء تعظيما ، أو لأنهما عاقلان ، خلق الله لهما العقل ، والتذكير تغليب للقمر ، ولأنهم يخبرون عن كل ولو لاثنين بالجمع أو بالافراد ، لا باثنين ، وكثيرا ما يرجع ضمير الجمع لاثنين ، ويجوز أن يقدر كل واحد منهما يسبحون ، ويجوز رد الضمير إليهما والى الكواكب ، لأنها عاقلة ، ودل عليها ذكرهما وذكر الليل هكذا ، وكلهم يسبحون فى فلك ، وقدم للفاصلة ، وعلى طريق الاعتناء بالفلك ، والسبح المشى بانبساط ، وكل من بسط فى شىء ، والصحيح أنه فى السباحة فى الماء والفلك ، مجرى الكوكب أو الشمس أو القمر من الهواء ، قيل سمى لاستدارته كفلكة المغزل ، وذلك مجرى فى الهواء مستدير أوفى جسم لطيف غير الهواء ، وكل نجم له فلك من ذلك يجرى فيه والسماوات ساكنة لا تتحرك . وأول الشهور تشرين الأول ، ثم تشرين الثانى ، ثم كانون الأول ، ثم كانون الثانى ، ثم شباط ، ثم أذار ، ثم نيسان ، ثم أيار ، ثم حزيران ، ثم تموز ، ثم آب ، ثم أيلول ، وذلك بحساب الروم واللغة السريانية . وأما بلغة الفرس فهن : فرودين ، وأردبهشت ، وحزداد ، وبيرو مرداد ، وشهر بور ، ومهروابان ، ثم خمسة أيام لا تعد من السنة ، يقال لها الأيام المسروقة بينهم ، وأدرودى وبهن واسفندار ، والبدد من نيروز كلما مضى من شهر عشرة أيام دخل شهر من شهور الروم ، وكل سنة يتأخر النيروز بيوم من أيام الجمعة ، فإن كان النيروز يوم الخميس كان فى السنة بعده يوم الجمعة ، وفى السنة الثالثة يوم السبت ، وما كان من شهور العرب ينقص فى كل سنة عشرة ، وربما نقص أحد عشر فستة أيام منها ينقصان شهورها ، والأربعة من الأيام المسروقة . واليوم والليلة أربع وعشرون ساعة ، وكلما انتقص من الليل ازداد فى النهار ، وكلما انتقص من النهار ازداد فى الليل ، وأطول النهار نصف حزيران من خمس عشرة ساعة ، والليل من تسع وهو أقصر ليل ، ثم ينقص النهار ، ويزداد الليل ، ويستويان فى المهرجان لكل واحد اثنتا عشرة ساعة ، وبعد ساعة عشر من كانون الأول يكون الليل خمس عشرة ساعة ، وهو أطول ما يكون ، والنهار تسعا أقصر ما يكون ، ثم ينقص الليل ويزداد النهار الى النصف من حزيران ، وذلك قوله تعالى { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ يس : 38 ] وقوله تعالى { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } [ الحج : 61 ] والله تعالى أعلم .