Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 10-10)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُل يا عبادِ الَّذين آمنُوا اتَّقوا ربَّكم } أى قل لهم عنى بدليل إضافة عباد لضمير الله سبحانه ، وهى اضافة تشريف ، كأنه قيل : قل للمؤمنين يقول لكم ربكم : يا عبادى الخ ولا شك أن هذا لكونه حكاية كلام الله تعالى أقوى من أن يقول : يا عباد الله الذين آمنوا اتقوا ربَّكم { للَّذين أحْسنُوا } إلخ تعليل ، أى لأن للذين أحْسنوا { في هذه } متعلق بأحسنوا ، أو بمتعلق للذين { الدنيا } بأداء الفرائض والنفل ، والهجرة الى الحبشة أو الى المدينة ، أو بالصبر على أذى المشركين ، والتمسك بالدين { حَسنةً } مرتبة حسنة هى موضعه فى الجنة ، أو هى الجنة ، ومعلوم أن الجنة على التوزيع ، أو خير الدنيا والآخرة ، وقيل : الحسنة المدينة ، وقيل : الثناء الحسن فى الألسنة المقبول عند الله ، والصحة والسلامة ، وقيل : ولاية الله . { وأرض الله واسعةٌ } لا عذر لمن أشرك أو عصى لتضييق المشركين عليه ، والآية حث على الهجرة ، وقد قيل : نزلت فيمن هاجر الى الحبشة ، وعبارة بعض : نزلت فى جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه وأصحابه ، إذا هاجروا ، وفسرها بعض بالحث على الهجرة من البلد الذى ظهرت فيه المعاصى اقتداء بالأولياء ، ولما فتحت مكة لم تجب الهجرة ، فمن أسلم فى دار شرك وهى وطنه ، جاز له المقام فيها ان كان يصل الى اظهار دينه ، وقيل : ولو كان لا يصل الى اظهاره ، وقد أقامه سرا وان لم يجد من يعلمه دين الاسلام ، أو يفتنوه ، ولو سره وجبت عليه الهجرة " ألم تكن أرض الله واسعة " إن أرضى واسعة " الخ وقيل : أرض الله المدينة ، على أن الإحسان الهجرة ، فالحسنة الراحة من الأعداء ، وقيل أرض الله الجنة ، وفيه أن المقام يناسب وسع الدنيا ، ولو ناسب التفسير بالجنه قوله تعالى : { وأورثنا الأرض نتبوَّأ من الجنة حيث نشاء } [ الزمر : 74 ] و { جنة عرضها السماوات } [ آل عمران : 133 ] لكن مناسبة لا تقرب أن تكون حجة فى تفسير الآية . { إنَّما يُوفى الصَّابرُون } على دينهم وعلى المصائب ، وعلى أذى المشركين ما داموا فيهم ، وعلى الهجرة ومفارقة الوطن ، ومن يعز فراقه ، وعن اللذات قال : على كل مطيع يكال له ويوزن إلا الصابرين ، فانه يحثى لهم حثيا ، ويروى أن أهل البلاد لا ينصب لهم ميزان ، ولا ينشر لهم ديوان ، ويصب عليهم الأجر صبا بلا حساب حتى يتمنى أهل العافية فى الدنيا أن أجسامهم قرضت بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء ومن العجيب تفسيره بالصبر على الصوم ، وأعجب منه دعوى أن تفسيره بالصوم أكثر الأقوال ، مع أنه لا مدخل للصوم إلا أنه من الدين ، ولم يشهر أن المشركين يضيقون عليهم لأجل الصوم فيقال : صبروا عليه ، وانما الكلام فى الصبر على شدة المشركين ، وقطع عذر من لم يصبر عليه ، فارتد مع أن أرض الله واسعة ، يغريهم على الصبر أو على الاقتداء بمن صبر قبلهم . { أجْرهُم } فى الآخرة { بغَيْر حِساب } حال من أجر أو من " الصابرون " أى كائنين بغير حساب على ذلك الأجر ، وعلى كل حال المراد الكثرة كما قال ابن عباس لا يهتدى اليه حساب ، أو حال من " الصابرون " على معنى أنهم يدخلون بغير حساب ، ومقتضى الظاهر إن قلنا ، المراد بالصابرين من خوطبوا بقوله " يا عبادى " وقوله " اتقوا ربكم إنما توفون أجوركم بغير حساب " بالاضمار فأظهر ، ليذكر أن العمدة الصبر ، وأن لا ثواب مع عدمه ، وقل هؤلاء المؤمنين المخاطبين ، أو للمشركين كما قال تعالى : { فاعبدوا ما شئتم من دونه } [ الزمر : 15 ] أو للكل . قال أبو هريرة : من رزق خمسا لم يحرم خمسا وزيد سادس : من رزق الشكر لم يحرم الزيادة لقوله تعالى : { لئن شكرتم } [ إبراهيم : 7 ] الخ ومن رزق الصبر لم يحرم الثواب لقوله تعالى : " إنما يوفى " الخ ومن رزق التوبة لم يحرم القبول لقوله تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } [ الشورى : 25 ] ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة لقوله تعالى : { استغفروا ربكم } [ هود : 3 ، 52 ] الخ ومن رزق الدعاء لم يجزم الاجابة لقوله تعالى : " ادعون " الخ والسادس من رزق الانفاق لم يحرم الخلف لقوله تعالى : { وما أنفقتم } [ البقرة : 270 ، سبأ : 39 ] الخ وفى الصبر على أذى السن أجر كبير ، كما روى أن الله تعالى أوحى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله : " أن قل لأبى علام أضمر ؟ فسأله فقال : على وجع السن سبع سنين " فليس كما فيل انه لا ثواب لمن صبر على وجعها ، اذ كان له نزعها ، لأنا تقول الأصل عدم قطع الأعضاء فنزعها جائز ، والصبر عليها له ثواب لمن قصده .