Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 9-9)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أمَّن } الاستفهام تقرير ، ومن موصول مبتدأ ، والخبر محذوف مع معادلة أى الذى { هُو } على عمومه ، ولو قيل عن ابن عباس : نزلت فى أبى بكر وعمر ، وعن ابن عمر : نزلت فى عثمان ، وقيل : نزلت فى ابن مسعود وعمار وسلمان ، وسبب النزول لا يخصص { قَانِتٌ آناء الليْل ساجدا وقائما يحْذر الآخرة ويَرجو رَحْمة ربِّه } خير أم أنت أيها الكافر ، والقانت القائم بما وجب من الطاعات ، وتطوع العبادات فى السراء والضراء وآناء الليل ساعات الليل ليتمكن من تحقيق العبادة لخلوه ، ومن عدم الرياء ، فتكون أقرب للقبول لا فى حال الضراء فقط ، كعادتك أيها الكافر ، وساجداً حال من المستتر فى قانت ، ويحذر حال ثانٍ أو حال من المستتر فى ساجدا ، أو مستأنف جوابا ، كأنه قيل : ما باله قال : { يحذر الآخرة } أى عذابها ، { ويرجو رحمة ربه } فى الآخرة . عن أنس : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على محتضر فقال : " كيف تجدك ؟ " قال : أرجو وأخاف ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وآمنه الذي يخاف " والآية تدل على وجوب الكون بين الخوف والرجاء ، فما جاوز حد الخوف كان أمنا ، وقد قال الله تعالى : { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } [ الأعراف : 99 ] وما جاوز حد الرجاء كان إياسا وقد قال الله تعالى : { لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } [ يوسف : 87 ] وتدل على فضل صلاة الليل لاجتماع القلب فيه ، وعلى جواز الايمان والعمل الصالح ، خوفا من النار ، وعلى جوازهما لدخول الجنة ، وعلى جوازهما للنجاة من النار ، ودخول الجنة ، وجاز من الحديث القصد بهما لإجلال الله تعالى لا خوفا من النار ، ولا طمعا فى الجنة ، كصهيب ورابعة العدوية ، ومن قال : لولا الجنة أو لولا النار ، أو نحوهما ما عبدت الله ذما لنفسه إذ كانت لا تعبد إجلالا له تعالى ، بل لذلك ، فلا بأس وإن قاله استخافا بحق أو لولا أنه يعاقبنى ما عبدته أشرك . { قُل } لذلك الكافر تقريرا وتصريحا بالحق ، وتنبيها عن الأعراض والغفلة { هَل يَسْتوي الَّذين يعْلَمُون } يدركون الحق فعلموا به ، فلزموا الطاعات ، وخافوا العقاب على التقصير ، ورجو الرحمة { والَّذين لا يعْلمُون } لا يدركونه فعلموا بجهلهم وهواهم ، مثلك أيها الكافر الجاعل للأنداد ، لا يستوون ، العالمون العلم الحقيق الذى أثمر العمل الصالح ، ترك المعاصى فى أعلى وفى خير ، والذين لا يعلمون فى أسفل ، وفى شر ، والعالم بلا عمل كالجاهل ، وقد يعتبر أنه أشد عنادا من الجاهل ، والآية على العموم ، ولو قال يحيى بن سلام : المراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس : أبو بكر وعمر ، وقال مقاتل : عمار وصهيب وابن مسعود وأبو ذر ، وقال عكرمة : عمار ، وعن ابن مسعود فى رواية : المراد عمار ، وفى أخرى عما روى ابن مسعود وسالم مولى أبى حذيفة . { إنَّما يتذكَّر } بالدلائل المذكورة فيزدجر عن الاشراف والمعاصى { أولُوا الألبَاب } العقول الخالصة عن الشبه لا هؤلاء الكفرة ، فانهم بمعزل عن التذكر .