Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 22-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أفَمَن } الهمز مما بعد الفاء أو داخلة على جملة معطوف عليها ، أى أكل الناس سواء ، فمن شرح الله إلخ ، ومن موصولة مبتدأ خبرها يقدر بعد من ربه ، أى كمن قسا قلبه ، فهو على ظلمة الضلال { شَرَح الله صَدره للإسْلام } شرح المصدر للاسلام توسيعة له ، بأن يجعله قابلا له بلا ضيق ولا كراهة ، كشرح اللحم ، روى البيهقى ، والحاكم وابن مردوية عن ابن مسعود رضى الله عنه ، تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية فقلنا : كيف انشراح الصدر ؟ قال : " إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح " قلنا : وما علامة ذلك يا رسول الله ؟ قال : " الانابة الى دار الخلود ، والتجافى عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل نزوله " والمعنى يجىء عليه النور فينفسح له ، لأنه خلق منفسحاً له قليلا ، فذلك ما مر من أن الشرح توسيعه فهو انفساح للنور والوارد عليه ، فلا حاجة الى جعل ما فى الآية بمعنى تمكن الايمان فيه أولا . وما فى الحديث بمعنى ما زاد بعد ذلك ، والى جعل ذلك من الأسلوب الحكيم ، وهو الجواب بما هو أولى بالسؤال عنه ، والصدر القلب كما فى الحديث من تسمية الحال باسم المحل ، وقيل : الصدر عبارة عن النفس التى هى عبارة عن القلب الحال فيها ، وفى تجويفه بخار لطيف من الأغذية الصافية تتعلق النفس به أولا ، وبواسطته تتعلق بسائر البدن تعلق التدبير ، وتلك النفس تتصف بالإسلام . { فهُو } بسبب ذلك الشرح { عَلى نُور } عظيم { مِن ربِّه } عطف على شرح الله الخ ، وهذا النور هو الاسلام كقولك : أعطاه الله علما فهو عالم ، أو أمر الهى يدرك به الحق ، أو هو اللطف الإلهى المشرف عليه بمشاهدة الدلائل المخلوقة ، والآيات المتلوة { فوَيلٌ } الفاء فى جواب شرط محذوف ، أى اذا كان النور محصورا فيمن شرح الله صدره للاسلام لم يبق لمن لم يشرح إلا الظلمة المعبر عنها بالويل ، لأن الظلمة هلاك والفاء سببية أى ويل الخ بسبب أن الناجى هو من شرح { للقاسية قلُوبُهم } الصلبة عن الانشراح ، الممتنعة عنه ، بسبب سماع ذكر الله الذى هو ألة الين القلوب الى الاسلام كما قال { مِنْ ذِكْر الله } أى بسببه ، وهذه القسوة هى المعبر عنها فى آية بالاشمئزاز ، وقابل بها الانشراح ، لا بالضيق المضاد له ، لأن الشىء الضيق قد يدخله شىء قليل ، ويتخلله بخلاف القسوة كحالة الصخرة الصماء ، ولم يقل فويل لمن أقسى الله قلوبهم . كما قال : { أفَمَن شَرَح الله } إلخ إشارة الى أنه كأن قلوبهم قاسية بالذات ، بلا إقساء مقسو لم يقل للقاسية صدورهم ، ليلوح الى فساد قلوبهم الذى هو فساد لسائرهم ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " في الجسد بضعة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " والنفس التى خبثت تزداد بالقرآن والذكر خبثا وقسوة ، وكلما حدث قرآن أو ذكر حدثت لها قسوة ، وخبث ، فتنكره كمر الشمس يلين الشمع ، ويعقد الملوحة ، والقرآن يلين قلب المؤمن ويزيد الكافر قسوة . قال مالك بن دينار : ما ضر عبد بعقاب أعظم من قسوة القلب ، وما غضب الله تعالى على قوم إلا نزع منهم الرحمة ، وروعى لفظ من فى المؤمنين ، لأنهم كرجل واحد ، لأن مقصدهم واحد ، وهو دين الله ، بخلاف الكفرة فبحساب ما يهوى بعض ، وبحسب ما يطلب منهم الشيطان من أنواع الضلال ، ويتقلبون أيضا فى الضلال . { أولئك } البعداء عن الخير بقسوتهم { في ضلال مُبين } ظاهر لكل من سمع أو شاهده ، قال قومنا : نزلت الآية فى حمزة على فى شرح الصدر ، وأبى جهل وابنه فى قسوة القلب ، والانسان قد يشرح صدره ثم يقسو ، أو يقسو ثم يشرح ، والعبرة بما يختم عليه ، والتوبة مبسوطة ، فقد نزل : " ويتوب " ولا تشهر توبته فيكذب بها ، وانما يقولون : كرم الله وجهه ، لأنه فى بطن أمه يرد وجهه الى غير جهة الصنم الذى قصدته أمه فى الجاهلية ، أو يمنعها بوجهه ورأسه .