Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 30-31)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُم ميِّتُون } أراد المضى لتحقق الموت ، حتى كأنه وقع أو استعمل اللفظين فى الاستقبال ، كما قرىء : إنك مائت وانهم مائتون ، أى يستحدث لك ولهم الموت . @ وماض نفوس الورى خالده وللموت ما تلد الوالده @@ ولا يصح ما قال أبو عمرو بن العلاء : لا يطلق ميْت بالاسكان إلا على من مات ، وأن المشدد لا يطلق إلا على من سيموت ، بل هما يصلحان فى الكل ، والتخفيف قاعدة مطردة ، والمؤمنون دخلوا معه فى الخطاب بالكاف تبعا ، والهاء للكفار ، ويبعد أنها للمؤمنين والكافرين ومحل هذا الكلام هو قوله : { ثم إنَّكُم يَوم القيامة } قدم لإنكار الكفرة له { عنْد ربِّكم } قدم للحصر ، وتحقيق الحساب { تختصمُونَ } لمَّا لم ينتفعوا بضرب المثل ، أخبرهم بأنهم سيموتون ويبعثون ، ويعاقبون ، ويظهر المحق من المبطل ، وقيل : كانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم الموت ، فقال الله عز وجل : أن الكل ميت ، ولا وجه للتربص ، وشماتة الفانى بالفانى ، وقيل ذلك نعى اليه واليهم بالموت ، وأكد فى أنهم لشدة غفلتهم حتى كأنهم أنكروا الموت ، أو لأن الموت مكروه للنفوس ، فكان مظنة أن لا يلتفت الى الأخبار به ، وأكد فى أنك للمشاكلة ، أو دفعا لاستبعاد موته ، لعل بعضا من المسلمين يظن انه صلى الله عليه وسلم لا يموت ، وذلك الاختصام أن يقول صلى الله عليه وسلم بلغتهم : ما أرسلت به إليهم ، ولجوا فى العناد ، ويقولون : أطعنا سادتنا وكبراءنا ، وجدنا آباءنا ، غلبت علينا شقوتنا ، ويناسب ذلك قوله تعالى : { فمن أظلم } [ الزمر : 32 ] الخ { والذي جاء بالصدق } [ الزمر : 33 ] و { ضرب الله مثلا } [ الزمر : 29 ] ولا مانع من أن يكون الكلام فى الأمة عموما ، فالهاء فى أنهم ، والخطاب فى أنكم ، وربكم ، وتختصمون للأمة . ويدل للعموم فى الأمة لا فيه صلى الله عليه وسلم والمشركين قول الزبير لما نزلت : { إنك ميت } الآية : يا رسول الله أنحاسب على ذنوبنا ، وعلى ما جرى بيننا ؟ قال : " نعم حتى يؤدى الى كل ذى حق حقه " فقال : إن الأمر إذن شديد ، رواه عبد الرزاق ، والترمذى ، والبيهقى ، وأخرج الطبرى ، وعبد الرزاق ، عن ابراهيم النخعى : أنه لما نزلت ، قال الصحابة : ما خصومتنا ، ونحن اخوان ، ولما قتل عثمان قالوا هذه خصومتنا وأخرج سعيد بن منصور ، عن ابى سعيد الخدرى : لما كان يوم صفين علمنا أنه خصومتنا ، ومن قبل كنا نقول : ربنا واحد ، وديننا واحد ، فما هذا الاختصام ، وفى الطبرانى والنسائى ، عن ابن عمر : كنا نرى الاختصام بيننا وبين أهل الكتابين ، لأن نبينا واحد ، وديننا واحد . وفى رواية : كنا لا ندرى فيمن نزلت حتى وقعت الفتن ، فعلمنا أن الآية فيها ، وهذه الروايات صريحات فى أن الآية فى الصحابة ومن بعدهم ، وأول من يختصم المرأة وزوجها ، تشهد أيديهما وأرجلهما ، ثم الرجل وخادمة كذلك ، ثم أهل الأسواق ، ولا دانق ولا قيراط ، لكن حسنات هذا تدفع الى هذا المظلوم وسيئاته توضع على هذا الظالم ، رواه الطبرانى ، عن أبى أيوب الأنصارى ، عنه صلى الله عليه وسلم ، لكن وضع سيئات المظلوم على الظالم كلام موضوع ، لا يصح إلا أن يكون على بمعنى عن ، أى توضع عن الظالم ، أى لا يؤخذ بها ، وكذا حديث : " إن فنيت حسناته وضع عليه من ذنوبه " موضوع ، وعن عقبة بن عامر : " أول خصمين يوم القيامة جاران " رواه الطبرى مرفوعا ، وروى عن ابن عباس موقوفا : أو خصمين الروح والجسد ، ولعل الأولية فى ذلك إضافية ، كل واحد أول لما بعده ، فيقدم ما هو أقرب كالروح والجسد ، فالزوجان ، فالجاران وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : " ليختصمن كل شىء حتى الشاتان يقتص للجماء من القرناء " وهذا تمثيل ، فان مراده صلى الله عليه وسلم ما يعلم اقتصاص القرناء من القرناء اذا لم تنطح أو نطحت أقل مما نطحت .