Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-102)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَةَ } أثبتها لهم ، وقمت إليها وأردتها علم الله جل وعلا رسوله صلاة الخوف ، ليقتدى به الأئمة فى عصره ، وبعده ، فإنهم نواب عنه صلى الله عليه وسلم ، كقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 103 ] ؛ فإنه لغيره ، كما أنه له ، والخطاب للقرآن له صلى الله عليه وسلم ، أو لغيره ، أو لهما ، فليس كما قال أبو يوسف ، والحسن ابن زيادة وإسماعيل بن علية من تخصيص صلاة الخوف به صلى الله عليه وسلم ، روى ابن عباس وجابر بن عبد الله أن المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قاموا إلى الظهر يصلون جيمعاً حتى فرغوا ، فندموا على أن لم يكبوا عليهم ، فقال بعضهم : لهم صلاة أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم ، يعنى صلاة العصر ، فإذا اشتغلوا بها فاقتلوهم ، فنزل بين الظهر والعصر هذه الآيات الثلاث ، وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمُ مَّعَكَ } يصلون ركعة والأخرة تواجه العدو { وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ } يعنى الطائفة القائمة معك فى الصلاة ، أمرهم أن يكون معهم سلاحهم فى الصلاة للحزم والحذر { فَإِذَا سَجَدُوا } أى هذه الطائفة المصلية معك ، وكذا قبل السجود ، إلا أنه خص السجود بالذكر ، لأنهم فى السجود أشد غِرة ، ولأنهم حال القيام قد يظن المشركون أنهم قاموا للقتال { فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ } أى الطائفة الأخرى ، لأنه لم يبق إلا هى ، إذ الأولى هى معه ، وهى المخاطبة معه صلى الله عليه وسلم ، فى قوله : من ورائكم ويجوز أن يراد بقوله : وليأخذوا أسلحتهم هذه الطائفة الأخرى ، التى ليست فى الصلاة يأخذون أسلحتهم ، وعلى كل يحرسون النبى صلى الله عليه وسلم حال الصلاة ، والخطاب فى من ورائكم للنبى وللطائفة التى معه فى الصلاة ، أو له صلى الله عليه وسلم بمقتضى الأصل ، ولغيره معه تغليب للمخاطب على الغياب { وَلْيَأْتِ } بعد أن تسجد الأولى ، وتذهب إلى العدو بلا تسليم ، ويثبت صلى الله عليه وسلم قائما { طَآئِفَةٌ أُخْرَى } نكرها لأنها لم تذكر قبل { لَمْ يُصلُّوا } وهى الحارسة لهم من ورائهم { فًلْيُصُّلُوا مَعَكَ } الركعة الثانية ، تلك ركعتان ولكل طائفة ركعة ، ولا تحية للأولى ، فيسلم ، فيسلمون جميعا ، الثانية والأولى المواجهة للعدو ، وروى ابن أبى حاتم وابن شيبة وابن جرير أن صلاة الخوف ركعة ، صلى صلى الله عليه وسلم ركعة بطائفة ، ثم بأخرى ركعة ، وإنما القصر واحدة عند القتال ، فصلاة الحضر أربع والسفر ركعتان ، والخوف ركعة ، وروى أنه صلى بطائفة ركعة ، فثبت قائما وصلوا ركعة ، ثم ذهبوا وجاءت الأخرة ، فصلى بهم ركعة وثبت قاعدا ، وصلوا ركعة فسلم وسلم الكل ، وكلتاهما قرأت التحيات ، وكذا فعل صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ، وعليه الشافعى ، وروى البخارى ومسلم أنه صلى فى بطن نخل ركعتين بطائفة ، فذهبت ، فجاءت أخرى ، فصلى بها ركعتين ، فله أربع ، ونخل موضع من نجد من غطفان بينه وبين المدينة يومان ، وعن ابن مسعود صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة ركعة وبأخرى ركعة ، وذهبت وجاءت الأولى ، وقضت ركعة بلا قراءة وسلمت ، وذهبت جاءت وقضوا الأولى بقراءة ، وعليه أبو حنيفة ، وسقط عن الأولى القراءة فى الثانية بعد سلامة صلى الله عليه وسلم لأنهم فى مقابلة العدو عنه { وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحتهُمْ } أمر للطائفة الحارسة بأن تصحب معها سلاحها فى الصلاة إذا جاءت تصلي ، وذكر هنا الحذر والسلاح معاً لأن المشركين قلما ينتبهون للمسلمين أول الصلاة ، بل يظنوهم قائمين للقتال فإذا قاموا الركعة الثانية تنبهوا أنهم فى الصلاة ، فيفرصون شبه الحذر ، وهم بمعنى يحسم يتناول ، فأطلق عليه الأخذ على الاستعارة بالكناية ، وفيه المشاكلة ، أو ذلك جمع بين الحقيقة والمجاز ، أو ذلك من عموم المجاز ، أو معناه تستعمل الحذر وأشار إلى علة أخذ الحذر والسلاح بقوله { وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفلُوُنَ } لو مصدرية أى ودوا غفلتكم فى صلاتكم { عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ } ما تتمتعون به فى أسفاركم أيها الطائفتان المسلمتان { فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ } يشدون عليكم { مَّيْلَةً وَاحِدَةً } شدة واحدة { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتِكُمْ } لا إثم عليكم فى وضعها عند المطر أو المرض إن تأذيتم بحملها عند أحدهما ، وإلا فاحملوها ، ولا تضروا بها أحداً او لا تشعلكم عن الصلاة ، فإن شغلكم حملها من الصلاة وخفتم العدو فاحملوها وحافظوا على الصلاة ، ورجح البخاري ومسلم أن حملها سنة إذا لم يكن الأذى ، وقيل يجب ، بل يستحب ، وللشافعى قولان { وَخُذُوا حِذْرَكُمْ } فى البخارى نزلت فى عبد الرحمن بن عوف ، وكان جريحاً من العدو ، أى خذوا حذركم من العدو مع ذلك ما استطعتم حتى تغلبوهم أو تنجو منهم كما علله بقوله { إنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } هو أن يكونوا مغلوبين بخذلان الله عز وجل إياهم ونصره لكم ، فباشروا الأسباب ليكون ذلك على أيديكم ، ولا تغفلوا عن إهلاكهم والنجاة منهم ، وذلك وعد بالنصر مع إيجاب تعاطى الأسباب ، فالجملة علة لأخذ الحذر ، أو مستأنفة لدفع توهم غلبة العدو ، وقال ابن عباس : غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى محارب وبنى أنمار فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وأخذوا أموالهم وذراريهم ، ولا يرون أحداً من العدو ، فوضعوا أسلحتهم ، فقطع الوادى صلى الله عليه وسلم لحاجة الإنسان ، والسماء ترش فسال الوادى ، فحال بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم ، فجلس تحت شجرة ، فانحدر إليه غورث بن الحارث من الجبل قائلا : قتلنى الله إن لم أقتله ، ولم يشعر به صلى الله عليه وسلم إلا وهو قائم على رأسه بسيف مسلول ، " فقال : يا محمد ، من يمنعك منى الآن ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الله ، ثم قال : اللهم اكفنى غورث بن الحارث بما شئت ، فأهوى ليضربه به ، فأكب على وجهه نم زلخة زلخها ، فبدر السيف من يده ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ السيف ، وقال : يا غورث من يمنعك منى الآن ؟ فقال : لا أحد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فقال : لا ، ولكن أشهد أن لا أقاتلك ولا أعين عليك أحداً ، فأعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه ، فقال غورث : أنت خير منى ، فقال صلى الله عليه وسلم : أنا أحق بذلك منك " ، والسيف لغورث جاء به ، وقيل إنه سيفه صلى الله عليه وسلم سله غورث فى تلك الغفلة ، وأنه لم يعطه بعد ، ورجع إلى أصحابه ، فقالوا : ويلك ما منعك من قتله ، فذكر لهم القصة ، والزلخة الدفعة ، وندر سقط .