Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 123-124)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَيْسَ } قول الله المعلوم من قوله ، ومن أصدق من الله قيلا أى ليس إدخاله الجنة ، أو ليس العمل الصالح ، أو ليس مضمون قوله وهو الخير الدائم الباقى ، أو ليس وعده ، اى مضمونه من الخير ، وهو الموعود ، فذلك استخدام ، إذ رجع الضمير إلى الوعد بالمعنى المصدرى ، على معنى الموعود ، أو ليس الموعود الذى تضمنه عامل وعد الله ، أو ليس الثواب أو العقاب ، أى أحدهما ، أو ليس الثواب ، أو ليس الإيمان المدلول عليه بقوله : آمنوا ، أو ليس المعنى المتحاور فيه ، وهو قول اليهود ديننا وكتابنا أسبق وأفضل لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت النصارى مثل ذلك ، وقال المسلمون ديننا دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، وتأخر نبينا وكتابنا وأمرتم باتباعهما وترك كتبكم { بِأَمَانِيِّكُمْ } معتبراً بأمانيكم أو متعلقاً بها ، أو منيلا بها ، والخطاب للمؤمنين ، لأن الكتاب نزل عليهم ، وقيل الخطاب لأهل الشرك ، لأنهم قالوا لا بعث ولا عذاب ، ويؤيده أنه لم يجر ذكر لتمنى المؤمنين ، وقيل للمشركين وأهل الكتاب ، وهو يشد الياء جمع أمنيته بشدها ، وأصله أمنوية كأعجوبة ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت وكسر ما قبلها ، وهى ما يتمنونه من دخول الجنة بالتوحيد بلا تكاليف كالجهاد ، أو مع الكبائر بعد التوحيد ، ولو لم ينصحوا التوبة ، ويكون نبيهم وكتابهم أشرف الأنبياء والكتب وخاتميهم وقاضيين عليهم ، وبإيمانهم بالأنبياء كلهم والكتب كلها ، وفى البخارى عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم : " ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتخلى " ، ولكن هو ما وقر فى القلب فأما علم القلب فالعلم النافع وعلم اللسان حجة على ابن آدم { وَلآَ أَمَانِىِّ أَهْلِ الكِتَابِ } من أنهم لا يلبثون فى النار إلا أياماً معدودة ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه ، وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، ومن أن لهم مزية بتقدم كتبهم وأنبيائهم فهم أولى بالله سبحانه ، أو الخطاب للمشركين لتقدم ذكرهم ، إذ تمنوا أن لا بعث ولا حساب ، وإن كانا ، كانوا فى الآخرة أولى من المؤمنين ، وإلا فلا أقل من أن يكون لهم ما للمؤمنين ، وإنما يعتبر وعد الله بما وقر فى القلب وصدقه العمل ، أن قوماً ألهتم أمانى المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله تعالى ، وكذبوا ، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل وقرر ذلك بقوله { مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ } عاجلا أو آجلا ، اقتصر على السوء لأن المقام للرد على من يزعم أن سوءه لا يضر { وَلاَ يَجِدْ لهُ } لنفسه { مِن دُونِ اللهِ وَلِيَّا وَلاَ نَصِيراً } يدفع عنه العذاب قبل مجيئه أو بعده ، لما نزلت الآية شقت على المؤمنين ، فقالوا : يا رسول الله ، وأينا لم يعمل سوءا غيرك فكيف الجزاء ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله وعد على الطاعة عشر حسنات وعلى المعصية عقوبة واحدة فمن جوزى بالسيئة نقصت واحدة من عشر وبقيت له تسع ، فويل لمن غلب آحاده أعشاره " ، وقال أبو بكر رضى الله عنه : فمن ينجو مع هذا يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " أما تحزن ، أما تمرض ، أما يصيبك اللأواء ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : هو ذاك " وروى الترمذى أنه أجابه ، أما أنت وأصحابك المؤمنون فتجزون بذلك فى الدنيا ، فتلقون الله ولا ذنب عليكم ، وأما الآخرون فيجتمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة ، وعنه صلى الله عليه وسلم وأنه قال حين نزلت وشكوا إليه : " سددوا وقاربوا ، فإن كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها " ، وأجمع العلماء أن المصائب تكفر بها الخطايا ولو قلت مشقتها ، والأكثرون على رفع الدرجات بها ايضا ، وتكتب بها الحسنات وهذا هو الصحيح ، ومن المصائب الهم ، ففى الحديث ، " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت بها خطيئة " ، وقيل تكفر الخطايا بالمصائب ولا ترفع بها الدرجات ولا تكتب بها الحسنات ، وإنما قال ابن مسعود ، لأنه لم تبلغه أحاديث الدرجات والحسنات ، وأقول تكفر بها الكبائر التى أهملت لكن لم يصر عليها ، وعن عائشة ، يخرج العبد بذلك من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير ، وعنه صلى الله عليه وسلم ، " لا يزال الصداع والمليلة ، أى الحمى ، بالمسلم حتى تدعه كالفضة البيضاء " ، وقال الحسن نزلت فى الكفارة لأنهم يجازون على الصغيرة والكبيرة والمؤمن يجزى بأحسن عمله ثم قرأ قوله تعالى { ليكفر الله عنهم أسوأ الذى عملوا } [ الزمر : 35 ] ، ويدل القول الحسن أن الله سبحانه عقب الآية بما للمؤمنين إذ قال : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } كما هو عادة القرآن من تعقيب ما للكفار بما للمؤمنين وعكسه ، والصحيح أنها نزلت عامة للكفار والمؤمنين ، كما هو قول أبى بكر ، والصحابه ، والنقير النقرة فى ظهر النواة ، لا ينقص الله من الثواب الذى استحقه المؤمن مثلها ، فإلى أن لا يزيدها على المعاصى ، لأن رحمته عز وجل أوسع وسبقت غضبه والحسنة بعشر والسيئة بواحدة وهو أرحم الراحمين ، { وما ربك بظلام للعبيد } [ فصلت : 46 ] ، { وما الله يريد ظلماً للعباد } [ غافر : 31 ] ، والظاهر أن المراد بالصالحات الفرائض كما قال ابن عباس ، والمعنى ما وجب عليه من الصالحات ، عمل النفل ، معهما أو لم يعمل ، وإلا فعمل النفل وحده أو مع بعض ما وجب عليه دون بعض لا يدخل به الجنة .