Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-163)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّآ أَوْحَيْنآ إليْكَ كمآ أَوْحَيْنآ إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } احتجاج على أهل الكتاب بأن امره فى الوحى كسائر الأنبياء ، ولا يلزم نبوة إلا بإنزال الكتاب جملة كما أنزلت التوراة ، فهذه جملة أنبياء أقررتم بنبوتهم وما أنزل على أحدهم كتاب ، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، عن كعب ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والكتب نزلت قبل القرآن على شيث وموسى وداود وعيسى ، فقيل : إن الإنجيل والزبور نزلا شيئاً فشيئاً ، لا جملة ، وقيل : كل الكتب نزلت جملة إلا القرآن فشيئاً فشيئاً ، ومن ذلك صحف شيث وموسى وإدريس وإبراهيم عليهم السلام ، وزاد بعض عشر صحف على نوح ، وبدأ بنوح لأنه أول نبى عذب قومه بكفرهم ، فهدد المشركون وسائر الكفار بهم ، وقيل : لأنه أول من شرع له الشرائع ، واعترض بأنه مسبوق فى ذلك ، وقيل ، لأنه عام لأهل الأرض مثل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، واعترض بأنه اتفاقى لا قصدى ، وأجيب بأنه عمومه كاف مطلقاً مع أنه مبعوث إلى الناس كلهم قبل الغرق ، وذكر بعده إبراهيم لأنه أب ثالث ، والثانى نوح ، لأنه لم ينسل إلا أولاده ، ولأبوة إبراهيم ، أعاد ذكر الإيحاء وذكر عيسى قطعاً لقول اليهود وقيل ، قال مسكين وعدى بن زيد ، يا محمد ، ما نعلم أن الله أنزل وحياً بعد موسى ، فنزلت الآية { وَأَوْحَيْنَآ } أى وكما أوحينا { إِلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ } ظاهر فى أن أولاد يعقوب أنبياء ، واتفقوا على يوسف ، والظاهر أن الباقين غير أنبياء ، لفعلهم ما فعلوا بيوسف ، فذكرهم تغليباً له ، وباعتبار أن ما أوحى إلى أبيهم موحى إليهم { وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ } خصهم بالذكر بعد العموم تعظيما لهم ، فإن إبراهيم أول أولى العزم ، وعيسى آخر من قبله ، والباقون أشرف الأنبياء ومشاهيرهم ، قيل ، وبدأ بنوح لأنه أول نبى بعث بشريعة ، وأول نذير عن الشرك ، وأول من عذبت أمته لردهم دعوته وأول البشر لمن بعده ، وأطول الأنبياء عمراً ، ولم يشب ، ولم ينقص له سن مع طول عمره ، وطول أذى قومه ، بعث الله إبراهيم ، ثم إسماعيل بمكة ومات فيها ، ثم إسحق ومات بالشام ، ثم شعيب بن نويب ، ثم هود بن عبد الله ، ثم صالح ابن أسلف ثم موسى وهرون ، ثم أيوب ، ثم الخضر ، ثم داود ، ثم سليمان ، ثم يونس ، ثم إلياس ، ثم دا الكفل ، وكل نبى فى القرآن من ولد إبراهيم إلا إدريس ونوحا وهودا ولوطا وصالحا ، والصحيح أن هودا وصالحا أول الأنبياء بعد نوح عليهم السلام { وَءَاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } مائة وخمسين صورة تسبيح وتقديس وتحميد وثناء على الله عز وجل ، ومواعظ ، وليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام ، ونزل منجما كما فى بعض التفاسير ، والمشهور أن كل كتاب نزل بمرة إلا القرآن ، فعول بمعنى مفعول ، أى مزبوراً ، أى مكتوب ، كناقة حلوب ، ويقال أيضاً حلوبة فهو فى الأصل وصف ويجوز أن يكون فى الأصل مصدراً كقبول ، أو بمعنى فاعل أى زابر ، أى زاجر مؤثر ، كما روى أن داود عليه السلام يخرج إلى البرية فيقوم ويقرأ الزبور ، وتقوم علماء بنى إسرائيل ، خلفه ، ويقوم الناس خلف العلماء ، وتقوم الجن خلف الناس والشياطين منهم خلف أهل الخير منهم ، وتجىء الدواب التى فى الجبال فيقعن بين يديه وترفرف الطيور على رءوس الناس وهم يستمعون لقراءة داود ويتعجبون منها ، فلما قارف الذنب زال عنه ذلك ؛ فقيل ، كان ذاك أنس الطاعة وعزها ، وهذا وحشة المعصية وذلها .