Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 32-32)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلاَ تَتَمنَّوْا } التمنى حب الشىء والميل لوقوعه ولو محالا ، وهو للحال وما بعده ، والتلهف لما مضى ، وأكثر التمنى لا يتحقق ، ويكون فيما يعلم أن يظن وبرؤية ودونها : @ أَمَانِىُّ إنْ تُدْرَكْ فَيَا غَايَةَ المنَى وَإلاّ فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَناً رَغْداً @@ { مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضِ } فى المال ، والنكاح ، والولد ، والجاه ، وصحة البدن ، والعلم و الصنائع ، والطبائع على جهة الانتقال ، وذلك حسد محرم مؤد إلى التباغض ، وفيه الاعتراض على الله ، وعدم الرضى بالقسم ، ولا سيما من اعتقد أنه أحق ، وتشهى حصْول شىء بلا كد مذموم وتمنى ما لم يقدر معارضة للقدر ، وتمنى ما قدر له بكسب بطالة ، وتمنى ما قدر له بلا كسب ضائع ، كتمنى الذكاء وصحة الزواج ونحوهما ، مما لا قدرة للعبد عليه ، حتى قيل : إن الغبطة منهى عنها بهذه الآية ، وهى تمنَّى مثل ما للغير ، ونسب لمالك ، والمحققين ، قلت ، أما إن أريد تحريمها فلا ، والحق حلها والحظ إليها فى عمل الآخرة لا يسوغ منعه ، وإن أريد الكراهة صح غير عمل الآخرة ، لحديث : لا حسد إلا فى اثنتين والله أعلم بصالح عباده ، ولعل نحو المال المتمنى حسداً أو غبطة هلاك ، وإنما يتمنى زيادة العمل الصالح ، وليقل اللهم أعطنى ما يصلح لدينى وديناى { لِلّرِّجَالِ نَصِيبٌ } فى الجنة ، وعن ابن عباس ، المعنى ما أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيباً مقدراً فى الأزل من نعيم الدنيا ، بالتجارات والزراعات وغير ذلك من المكاسب ، فلا يتمن خلاف ما قسم له { مِّمَّا اكْتَسَبُوا } من أعمال الآخرة كالجهاد ، وهو نصيب عظيم ، إلا أن المقام ليس مقام ذكر عظمة ، وكذا فى قوله { وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ } فى الجنة { مِّمَّا اكْتَسَبْنَّ } من أعمال الخير لطاعة الأزواج ، وحفظ الفروج ، وإنما المقام لبيان أن لكلِّ نصيباً محدوداً لا يبذل ، لا يدخل فيه غيره ، كما روى أن الآية نزلت إلى قوله عليما فى قول أم سلمة رضى الله عنها : ليتنا كنا رجالا فجاهدنا ، وكان لنا مثل أجر الرجال ولنا نصف الميراث ، ولو كنا رجالا أخذنا ما أخذوا ، وهى أول ظعينة قدمت مهاجرة إلى المدينة ، وفى قول النساء لما نزل للذكر مثل حظ الأنثيين ، نحن أحق بالزيادة من الرجال ، لضعفنا ، وهم أقوياء على أقوياء على طلب المعيشة ، وقول الرجال إنا لنرجو أن يكون الأجر لنا على الحسنات ضعف النساء كالميراث ، وقول النساء نرجو أن يكون وزرنا نصف وزر الرجل كالميراث وإذا فسرنا النصيب بالمقدار من الميراث فالاكتساب استعارة أصلية عن اقتضاء حاله ، من ذكورة أو أنوثة لنصيبه ، واشتق منه على التبعية اكتسب فى الآية استعمال الاكتساب فى الخير { وَسئَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ } ما تحتاجون إليه يعطيكموه ، فإن خزائنه مملوءة لا تنفذ فلا تزاحموا بالحسد والتمني ، بل بالعمل ، قال صلى الله عليه وسلم : " ليس الإيمان بالتمنى " ، فحذف المفعول الثانى للعموم ، أو لدلالة السياق عليه ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " لا يتمنين أحدكم مثل مال أخيه ، وليقل اللهم ارزقنى ، اللهم أعطنى مثله " ، أى كداره وزوجه ، قلت ويزاد على ذلك ، واجعله صلاحا لدنياى وآخرتى ، قال صلى الله عليه وسلم : " سلوا الله من فضله ، فإن الله تعالى يحب أن يسأل " ، وإن من أفضل العبادة أنتظار الفرج ، وقال ابن سيرين : الآية نهى عن تمنى الدنيا ، وأمر بطلب الآخرة وكذا سعيد بن جبير { إنَّ اللهَ كَانَ بِكُلَّ شَىءٍ عَلِيماً } فهو عالم بالفضل ومحله وسؤالكم .