Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 58-58)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } أمانات الله من أوامره ونواهيه ، وأمانات الأزواج والأولاد والعبيد ، وسائر رعية الإنسان ، وأمانات سائر الخلق فلا يخون الإنسان بإفشاء سر ، ولا تضييع مال أو إفساده ، وسبب نزول الآية خاص ، نزلت بمكة ، لما فتحت مكة أغلق عثمان بن طلحة ابن عبد الدار البيت وصعد السطح فطلب صلى الله عليه وسلم المفتاح ، فقيل إنه مع عثمان ، فطلب منه ، فأبى وقال : لو علمت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أمنعه المفتاح ، فلوى على بن أبى طالب يده وأخذه منه المفتاح وفتح الباب ، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت ، وصلى ركعتين ، وأخرج منه تمثال إبراهيم وقداحا يستقسمون بها ، والمقام وكان داخل البيت ، وقال : قبحهم الله ، ما شأن إبراهيم والقداح ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة ، فنزلت الآية ، فأمر عليَّا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ، فقال عثمان : أكرهتنى وآذيتنى ، ثم جئت برفق إلىَّ ، فقال : لقد أنزل الله فى شأنك قرآنا ، فقرأها ، فقال عثمان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فهبط جبريل فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن السدانة فى أولاد عثمان أبداً ، لا ينزعها منهم إلا ظالم وشهد أن عثمان بن طلحة أسلم فى هدنة الحديبية مع خالد وعمرو بن العاص كما رأيت فى استيعاب أبى عمر يوسف بن عبد البر ، وهاجر عثمان بعد ، ودفع المفتاح لأخيه شيبة وشهد أنه لم يمتنع ، لكن كلما أراد إعطاءه إياه صلى الله عليه وسلم سأل العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيه إياه فيأبى عثمان ، حتى قال صلى الله عليه وسلم بعد الامتناع الثانى إن كنت تؤمن بالله فأعطنيه ، فأعطاه ، فقال خذه على أمانة الله ، وعلى كل حال هو أمانة فى يد عثمان ممن قبله ، وهكذا حقق ، والتحقيق أن الخطاب عام ، وقيل لولاة الأمر ويناسبه قوله تعالى { وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } الواو داخلة على تحكموا ، عاطفة له على تؤدوا ، وإذا خارج عن الشرط متعلق بتحكموا على أنه لا صدر لأَن المصدرية وذلك قول الكوفيين ، أى أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وأن تحكموا بالعدل إذا أردتم الحكم بين الناس ، والبصريون يعطفون إذا على محذوف أى إن الله يأمركم فى كل وقت بأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وفى وقت الحكم بين الناس بأن تحكموا بالعدل ، أو يعلق بيأمر ، مقدرا أى ويأمركم إذا حكمتم الخ والأمر من الله سابق لكن اعتبر تعلقه بالحكام ، والخطاب لكل من يصلح للحكم ممن عينه الإمام أو السلطان فينفذ أمره ، أو لم يعينه فلا ينفذ إلا برضى الخصمين ، ولو نفذ فيما بيهما وبين الله ، روى أن صبيين تحاكما إلى الحسن بن على ، أيهما أجود خطا ، فقال على : يا بنى انظر كيف تحكم ، فإن الله تعالى سائلك عما تحكم به يوم القيامة ، وقال صلى الله عليه وسلم : " يا على سوٍّ بين الخصمين فى لفظك ولحظك " { إنَّ اللهَ نِعَمَّا يَعْظُكُم بِهِ } من أداء الأمانات والحكم بالعدل { إنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } بكم وبأحوالكم ، ومنها حالكم فى الأمانات والحكم ، ما واقعة على الشىء موصولة ، أى نعم الشىء الذى يعظكم به تأدية الأمانة والحكم بالعدل .