Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-77)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ إلَى } المؤمنين { الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ } قال لهم النبى صلى الله عليه وسلم { كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } عن قتال الكفار فى مكة حين آذاهم الكفار ، كعبد الرحمن بن عوف ، والمقداد بن الأسود ، وهو المقداد بن عمرو ، وسعد بن أبى وقّاص ، وقدامة بن مظعون ، وجماعة يؤذيهم المشركون في مكة فيقولون : يا رسول الله ، لو أذنت لنا فى القتال ، فيقول لهم : كفوا أيديكم ، ثم هاجروا ، وأمروا بقتال المشركين ، وكرهوا ذلك بالطبع ، لا عصياناً أو نفاقاً أو ردة { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ } وأدوا ما أمرتم { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ } فى السنة الثانية ، جواب لما محذوف ، أى كرهوه ، وقيل هو قوله { إذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } من لبيان الفريق الموضوع موضع الضمير لحكمة التلويح إلى تمييزهم بخشية الناس ، كأنه قيل ، فريق مغايرهم ، هؤلاء الذين قيل لهم كفوا ، ويجوز أن يكون قوله إلى الذين قيل لهم الخ مراداً به المجموع أعم من الخاشين ، لقوله منهم عل أن من للتبعيض { يَخْشَونَ النَّاسَ } يخشون قتال الناس الكفرة { كَخَشْيَةِ اللهِ } كخشيتهم ، أو خشية غيرهم الله أن ينزل صاعقة ، أو يرجمهم ، أو يخسف بهم أو ينزل عليهم طاعوناً { أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } أي أو خشية أشد خشية ، فخشية تمييز لأشد ، فيكون أسند الخشية إلى الخشية ، أى خشية أشد خشية ، كقولهم صومه أصوم من صومك ، من المجاز العقلى ، وأشد معطوف على الكاف إن كانت إسماً ، أو على منعوت محذوف ، ففتح أشد نصب ، أو معطوف على خشية ، فالفتح جر ، أو المعطوف خشية ، وأشد نعته ، قدم فكان حالا ، أى خشية كائنة كخشية الله ، أو خشية أشد من خشية الله ، وأو للتنويع أو بمعنى بل ، وهما أولى من كونها لتخيير السامع أن يعبر بما شاء من الخشيتين وقيل للإبهام { وَقَالُوا } بقلوبهم ، أو مع ألسنتهم ، جزعاً من الموت لا ردة أو عصياناً ، فلم يوبخوا ، أو قالوه سؤالا عن الحكمة { رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ } الآن { لَوْلآَ أَخَّرْتَنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٌ } غير بعيد قبل موتنا ، ولم يعطف قوله لولا الخ لئلا يتبادر أنهم قالوا مجموع الكلامين بعطف الثانى على الأول ، مع أنهم قالوا أحدهما تارة وآخر تارة ، قلت : بل يتبادر ذلك بالعطف { قَلْ } ترغيباً فى القتال وثوابه وعن الدنيا { مَتَاع الدُّنْيَا } تمتعها أو ما يتمتع فيها { قَلِيلٌ } كمية وزمانا ناقص بالنسبة إلى متاع الآخرة { وَالأَخِرَةُ } متاعها { خَيْرٌ لِّمَنِ اتقَّى } موجبات النار ، وهى دائمة كثيرة الخير لا كدر فيها ، قال صلى الله عليه وسلم : " والله ما الدنيا فى الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه فى اليم فلينظر بم يرجع " ، ويقال : الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن { وَلاَ تُظْلَمُونَ } أى يوفر فيها الثواب لكم ولا تظلمون بنقص من ثوابكم ولا من آجالكم ، ولا بزيادة فى سيئاتكم { فَتِيلاً } مقدار ما يكون فى شق النواة ، أو ما يفتل بين الأضبعين ، ثم يلقى لحقارته ، فلا ترغبوا عن ثواب الأعمال ولا تحجموا عن القتال إذ لا يقرب أجلا عن وقته .