Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 78-78)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ المَوْتُ } فى حضر أو سفر { وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ } حصون ، وأصل البرج البناء فوق القصر على طرفه أو وسطه ، وهو من البرج بمعنى الظهور ، والظهور يوجد فى الكل ، أو المراد بروج السماء الكوكبية ، أو قصور فى السماء الدنيا ، أو البيوت التى فوق القصور { مُشَيَّدَةٍِ } مقواة بالجير ، أو مرفوعة مطولة ، فلا تخشوا الموت فى القتال فإن الموت لأجله ، فلا يؤخره ترك القتال ، ومن قدر الله عز وجل له الموت بقتال لم يجد إلا أن يحضره ويموت فى وقت موته وموضعه ، ومن قدره الله عليه فى غيره لم يجد أن يموت فى القتال ولا أن يموت فى غير وقت موته ومكانه ، وعن مجاهد كان فى من قبلكم امرأة لها أجير ، فولدت جارية ، فقالت لأجيرها : اقتبس لنا نارا ، فخرج فوجد بالباب رجلا ، فقال له الرجل : ما ولدت هذه المرأة ؟ قال : جارية ، قال : أما إن هذه الجارية لا تموت حتى تزنى بمائة ، يتزوجها أجيرها ، ويكون موتها بالعنكبوت فقال الأجير فى نفسه : أنا لا أريد هذه بعد أن تفجر بمائة لأقتلنها ، فأخذ شفرة ، فدخل فشق بطن الصبية وخرج على عقبه ، وركب البحر ، وخيط بطن الصبية فبرئت ، وشبت ، فكانت تزنى ، فأتت ساحلا من سواحل البحر ، فأقامت عليه تزني ، ولبث الرجل ما شاء الله ، ثم قدم ذلك الساحل وله مال كثير فقال لامرأة من أهل الساحل اطلبى لى امرأة من القرية أتزوجها ، فقالت : ها هنا أمرأة من أجمل النساء ولكنها تفجر ، فقال إيتينى بها ، فأتتها ، فقالت : قد تركت الفجور ، وإن أراد تزوجته ، فتزوجها الرجل فوقعت منه موقعاً حسناً ، فبينما هو يوماً عندها إذ أخبرها بأمره ، فقالت : أنا تلك الجارية ، فأرته الشق الذى فى بطنها ، وقالت قد كنت أفجر فما أدرى بمائة أوأقل أو أكثر ، قال : فإن الرجل قال لى يكون موتها بعنكبوت ، فبنى لها برجا بالصحراء ، فشيده ، فبينما هى يوما فى ذلك البرج إذا عنكبوت في السقف فقالت : هذا يقتلني ، لا يقتله غيري ، فحركته فسقط ، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدخته وساح سمه بين ظفرها ، ولحم الأصبع فاسودت رجلها ، فماتت ، وفى ذلك نزلت الآية ، وهى { إينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } ، والجملة من كلام الله عز وجل ، أو من القول السابق ، أو هى جواب لقولهم لو أخرتنا ، وقوله قل متاع الدنيا قليل الخ جواب لقولهم لم كتبت علينا القتال { وَإن تُصِبْهُمْ } أى اليهود ، ولو لم يجر لهم ذكر والدليل الحال ، لأن اليهود قالوا : نقصت ثمارنا وغلت اسعارنا حين قدم محمد وأصحابه ، فنزلت الآية ، كما قال فى أوائلهم ، { وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى } [ الأعراف : 131 ] الخ أو الضمير لليهود والمنافقين ، ولو لم يجر لهم ذكر كذلك ، إذ قحطوا حين قدم صلى الله عليه وسلم المدينة ، قالوا صح أنها نزلت فيهم وفى اليهود معا ، إذ تشاءموا به فى القحط حين قدم المدينة ، وقيل فى ابن اُبى ومن معه من المنافقين ، إذ قالوا لوقعة أحد لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا { حَسَنَةٌ } نعمة ، وأما الحسنة بمعنى الطاعة فلا يقال فيها أصابتنى ، بل أصبتها ، لأن الإنسان يأتيها هو ولا تأتيه هى { يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ } هو كلام حق إلا أنهم أخطأوا فى قولهم الذى ذكره الله بقوله { وَإن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } بلية كنقص الثمار وغلاء الأسعار ، كما وقع عند هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأما السيئة بمعنى المعصية فيقال أصبتها لا أصابنتى لأن فاعلها هو يجيئها لا هى { يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ } وتم الرد عليهم عند قوله تعالى { قل كل من عند الله } ، لأنها من الله خلقا لأمته ، ولأنها ليست من شؤمه صلى الله عليه وسلم إذ لا شؤم له ، حاشاه ، بل هو واسطة للبلاء بشؤمهم ، وذلك كله ظاهر غاية الظهور لهذا قال الله تعالى قوله { قُلْ كُلٌّ } من الحسنة والسيئة { مِّنْ عِندِ اللهِ } خلقا ، والحسنة منه فضل ، والسيئة بشؤم ذنوبهم مانصه { فَمَالِ هَؤُلآءِ القَوْمِ } اليهود والمنافقين تعجيب { لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } قولا يلقى إليهم ، كأنهم بهائم ، ما قربوا من أن يفهموا ، فضلا عن أن يتصفوا بأنهم فاهمون ، والإنسان إما فاهم وإما قريب من الفهم ثم فهم ، أو لم يفهم ، وإما بعيد من الفهم ثم فهم أو لم يفهم ، وهؤلاء بعدوا عن الفهم ولم يفهموا بعد ، أو الحديث ما نزل من القرآن ، أو كلام جاء من عند الله مطلقا ، أو الحديث صروف الدهر المنبئة بأن الله تعالى هو خالقها ، وليس المراد بالحسنة والسيئة فعل الطاعة والمعصية فضلا عن أن نستدل بقوله { كل من عند الله } على أن أفعالنا خلق من الله ولو كانت خلقا لدلائل خلقا لفاعلها ، والجملة حال من هؤلاء .