Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 97-97)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ } توفتهم ، كما قرأ بعض ، قوم مخصصون ، انقرضوا ، أسلموا ولو يهاجروا حتى ماتوا فى مكلة ، أو فى بدر ، إذ خرجوا مع المشركين ، أو تتوفاهم ، فهم على العموم الاستمرارى الماضوى المنزل منزلة الحاضر ، بدليل أن الجبر ماض ، وهو قالوا ، فحذفت إحدى التاءين ، ويدل له قراءة النخعى بضم التاء والبناء للمفعول شدوا ، وفيت الشىء أخذته ، أو المراد من لا يخرج للجهاد ، أو كل ذلك { الْمَلآئِكَةُ } ملك الموت وأعوانه ، وقيل ملك الموت ، وجمع تعظيماً له ، وقيل ثلاثة للمؤمنين ، وثلاثة للكفار ، والتوفى القبض للروح بإذن الله عز وجل ، تقبضها الملائكة ، وفى أثر بعض أصحابنا الحكم بكفر من قال إن الملائكة تقبضها ، وإنما الملائكة تعصرها والله يقبضها ، أى يخرجها ، قال الله تعالى : { الله يتوفى الأنفس } [ الزمر : 42 ] ، { والله يحيى ويميت } [ آل عمران : 156 ] ، وقال : { يحييكم ثم يميتكم } [ الجاثية : 26 ] ، ولا شك أن الله هو خالق الموت والحياة كمانزل ، ولا نزاع فى ذلك ، إلا أن إطلاق التوفى لا بمعنى قبض الروح جائز لوروده كقوله تعالى : توفته رسلنا ، قل يتوفاكم ملك الموت { ظَالِمِى أَنفُسِهِم } بترك الهجرة ، ثم بالخروج إلى بدر مع المشركين والقتال معهم ، والردة ، أخرجهم المشركون معهم إلى بدر غير عالمين بإسلامهم ، أو عالمين به قاهرين لهم أو راضين ، كقيس بن الفاكه ، والحرث ابن زمعة ، وقيس بن الوليد ، وأبى العاص بن منبه ، وعلى بن أمية ، ولما رأوا ضعف المسلمين قالوا : غر هؤلاء دينهم فارتدوا ، وقاتلوا المسلمين ، فقوى الله قلوب المؤمنين وأمدهم بالملائكة ، وقيل المراد من لا يخرج إلى الجهاد معه صلى الله عليه وسلم ، وقيل المنافقون { قَالُوا } أى الملائكة توبيخاً لهم { فِيمَ } فى أى دين ، أو فى أى حال من ضعف أو قوة { كُنْتُمْ قَالُوا } اعتذار بالضعف عن مقاومة المشركين والهجرة ، وإعلان الدين ونصره { كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأَرْضِ } أرض مكة ومايليها ، فلم نقدر على إظهار الإسلام والعمل به ، وعلى ترك الخروج مع المشركين ، ومقتضى الظاهر كنا فى استضعاف ، أو لم نكن فى شىء ، لكن قوى جوابهم بما قال ، وطابق قالوا بقالوا { قَالُوا } أى الملائكة تكذيباً ، أو إفحاماً لهم ، أو توبيخاً ، وتقريراً وتكذيباً لأنهم استطاعوا الحيلة واهتدوا السبيل { أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } إلى المدينة أو الحبشة ، كما فعل المسلمون ، أو إلى موضع آخر يأذن لكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقيمون فيه دينكم ، جواب الملائكة هذا ظاهر فى أنهم موحدون ظالمون بترك الهجرة ولو كان المشركون أيضاً مخاطبين بالفروع { فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهِمْ جَهَنْمُ } وخبر إن قالوا الأول ، والرابط محذوف ، أى قالوا لهم ، أو جملة أولئك الخ ، والفاء لشبه الذين باسم الشرط ، إذا حملناه على العموم ، وتارك الهجرة مشرك ولو أسلم على الصحيح ، وقيل فاسق ، والآية دليل على وجوب الهجرة من موضع لا يصل فيه الإنسان إلى إقامة دينه ، وهذا مما لا ينسخ ، ويندب أن يهاجر ، ولو أقام دينه ، بعد نسخ وجوب الهجرة ، وتجب الهجرة قيل من أرض الوباء { وَسَآءَتْ } جهنم { مَصِيراً } فى الآية جمع بين التمييز وفاعل مستتر عائد إلى غير التمييز ، ولا حاجة إلى جعل فاعل ساءت ضميرا عائداً إلى مبهم مفسر بالتمييز ، وأنث مع تذكير التمييز ، لوقوع التمييز على مؤنث ، وتقدير المخصوص هكذا ، وساءت مصيراً جهنم أى هو جهنم ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجب الجنة ، وكان رفيق أبيه إبراهيم ، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم " .